Page 179 - merit 40 apr 2022
P. 179

‫حول العالم ‪1 7 7‬‬

  ‫التوجهات الأكثر محافظة‪.‬‬         ‫الجدل هو في الواقع أن ما‬                     ‫هذا الاحترام لكافة الثقافات‬
 ‫ولم تأت حملتهم ضد رواية‬       ‫يعد شك ًل من أشكال الإساءة‬                         ‫والمعتقدات أن يتم تنظيم‬
  ‫«الآيات الشيطانية» لحماية‬     ‫لمجتمع ما‪ ،‬كثي ًرا ما يمثل في‬                      ‫الخطاب العام حول تلك‬
‫المجتمعات المسلمة من هجوم‬       ‫الحقيقة جدال داخل المجتمع‬
‫لا ضميري يشنه متعصبون‬                                                           ‫الثقافات ومعتقداتها‪ ،‬سواء‬
 ‫مناهضون للمسلمين‪ ،‬وإنما‬          ‫ذاته‪ .‬ولذلك نشبت الكثير‬                     ‫لتقليل الاحتكاك بين الثقافات‬
                                   ‫من نقاط الاشتعال حول‬
     ‫جاءت لحماية مواقعهم‬          ‫الإساءة بسبب أعمال فنية‬                          ‫والمعتقدات المتعادية‪ ،‬أو‬
    ‫الخاصة ذات الامتيازات‬       ‫لفنانين من الأقليات‪ ،‬وليس‬                     ‫لحماية كرامة الأفراد المنتمين‬
    ‫داخل تلك المجتمعات من‬          ‫الأمر قاص ًرا على سلمان‬
  ‫الهجوم السياسي الذي قد‬          ‫رشدي وجوربريت كاور‬                            ‫إليها‪ .‬فيقول طارق مودود‪،‬‬
   ‫يشنه النقاد الراديكاليين‪،‬‬      ‫باتي‪ ،‬وإنما يمتد إلى كتاب‬                                ‫عالم الاجتماع‪:‬‬
     ‫وذلك لترسيخ حقهم في‬       ‫مثل حنيف قريشي‪ ،‬ومونيكا‬
‫كونهم صوت الإسلام الحق‪،‬‬        ‫علي‪ ،‬وسوريه هيرا‪ ،‬وتسليمة‬                      ‫إن كان على الناس شغل ذات‬
     ‫مع إنكار شرعية هؤلاء‬         ‫نسرين‪ ،‬والرسام الهندي‬                       ‫الحيز السياسي دون نشوب‬
   ‫النقاد‪ .‬وقد نجحوا جزئيًّا‬   ‫مقبول فيدا حسين‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬                        ‫صراعات‪ ،‬فإنه يجب عليهم‬
    ‫على الأقل لأن الليبراليين‬       ‫فلنتناول قضية سلمان‬
                                   ‫رشدي مثا ًل‪ .‬لم يتحدث‬                          ‫وضع حد متبادل للإطار‬
      ‫العلمانيين تبنوا هؤلاء‬                                                    ‫الذي يخضعون من خلاله‬
‫باعتبارهم الصوت «الأصيل»‬             ‫رشدي أو نقاده باسم‬                          ‫معتقدات بعضهم البعض‬
                                    ‫المجتمع المسلم‪ ،‬فقد مثّل‬
           ‫للمجتمع المسلم‪.‬‬       ‫كل منهما اتجاهات مختلفة‬                                           ‫للنقد‪.‬‬
     ‫وكما تم اعتبار أبو لبن‬       ‫من الآراء في ذلك المجتمع‪.‬‬                        ‫فيبدو أن أحد سخريات‬
  ‫مسل ًما أصي ًل‪ ،‬بينما ناصر‬      ‫فرفع رشدي صوت أكثر‬                            ‫الحياة في المجتمع التعددي‪،‬‬
 ‫خضر ليس مسل ًما ح ًّقا‪ ،‬تم‬         ‫راديكالية وعلمانية كان‬                    ‫هو أن يتطلب منا السعي إلى‬
    ‫أي ًضا اعتبار نقاد رشدي‬          ‫سائ ًدا خلال ثمانينيات‬                    ‫الحفاظ على التنوع‪ ،‬أن نترك‬
   ‫يمثلون الإسلام الأصيل‪،‬‬          ‫القرن العشرين‪ .‬أما نقاد‬                     ‫مجا ًل أضيق لتنوع وجهات‬
 ‫ونقاد كاور باتي من السيخ‬
  ‫الحقيقيين‪ ،‬بينما اعتبر كل‬          ‫رشدي‪ ،‬فكانوا صوت‬                                              ‫النظر‪.‬‬
     ‫من رشدي وكاور باتي‬                                                        ‫وبصرف النظر عما إذا كان‬
  ‫أنفسهما بأنهما غربيان‪ ،‬أو‬                                                    ‫هناك خطب أخلاقي ما وراء‬
  ‫علمانيان‪ ،‬أو تقدميان بقدر‬
    ‫لا يجعلهما ينتميان بحق‬                                                        ‫الإساءة (ولا اعتقد هذا)‪،‬‬
   ‫لمجتمعيهما‪ .‬ولعل العاقبة‬                                                        ‫فإن المشكلة في مثل هذا‬
     ‫هنا أن الأصوات الأكثر‬
  ‫محافظة هي التي كثي ًرا ما‬
‫تعد الأصوات الأصيلة الممثلة‬
   ‫لتلك المجتمعات‪ ،‬بينما يتم‬
 ‫تهميش الأصوات التقدمية‪.‬‬

‫***‬                                                            ‫العمال الضيوف‬
   174   175   176   177   178   179   180   181   182   183   184