Page 180 - merit 40 apr 2022
P. 180
العـدد 40 178
أبريل ٢٠٢2 وبعد أن استكشفنا مشكلات
التعددية الثقافية ،أود الآن أن
لندن ،باعتبارها «الطلقات ثقافية ،والتي تأتي في نلقي نظرة سريعة على أوجه
الافتتاحية لحرب أهلية هذه الحالة تحت مسميات
«مسيحيين» و»مسلمين». النقد ضد التعددية الثقافية.
أوروبية» ،سوف ينجم عنها ففي عالم بريفيك الخيالي ولا شك أن الدافع وراء
«انهيار مجتمعي» ،و»إحياء الملتوي ،فإن وجود المسلمين الكثير من هذا النقد يأتي
للفاشية» ،ورحلة لا رجعة داخل قوالب المسيحيين إنما من العنصرية والتعصب
يؤدي إلى تلويثها وتدنيسها،
منها إلى «ليل أوروبي- ومن ثم يجب التخلص منهم. بل والكراهية للآخر ،ونجد
عربي طويل». هذا واض ًحا جليًّا في حالة
ولا يتعاطف مع جنون
ومثل هذه الأفكار تستقي القتل لدى بريفيك سوى أندرز بيرينج بريفيك ،القاتل
سلطتها من رؤية لعالم القلة من السيكوباثيين ،إلا الجماعي النرويجي.
أن الكثيرين يتفقون مع
مزقه «صدام الحضارات». هجماته الفكرية .فمفهوم أن ويشعر الكثيرون أنه عند
فللكثيرين ،تحول هذا «أوروبا المسيحية» تتعرض مواجهة وحش مثل بريفيك،
لتهديد ،وأن الهجرة المسلمة يجب علينا توحيد الصفوف
المفهوم الذي أشاعه عالم تمثل غز ًوا ،وأن «الحضارة
السياسة الأمريكي صامويل الغربية» تواجه انهيا ًرا، والدفاع عما يسعى إلى
هانتنجتون عق ٍد قبل أحداث يحظى بآذان صاغية على تدميره .ويمثل هذا نسخة
نطاق واسع .وفي مناظرة من الحجة التي انتشرت مع
الحادي عشر من سبتمبر، تليفزيونية خلال الانتخابات زيادة شراسة نقد زعماء
لدى الكثيرين إلى المفهوم الرئاسية الفرنسية ،طالب اليمين ،من أنجيلا ميركل في
التعريفي للعقد التالي لتلك نيكولا ساركوزي بإعادة ألمانيا ،إلى ديفيد كاميرون
الأحداث. ترسيخ تأمين الحدود في بريطانيا ،إلى الرئيس
ما يلفت النظر في هاتين وفحص جوازات السفر الفرنسي نيكولا ساركوزي،
من أجل «حماية الحضارة
المقاربتين -التعددية للتعددية الثقافية خلال
الثقافية من ناحية ،وصدام الأوروبية» .ويقول السنوات الأخيرة .وهي
كريستوفر كالدويل ،والذي حجة تسيء فهم كل من
الحضارات من ناحية التعددية الثقافية وكراهية
أخرى -أوجه الشبه بينهما، سبق أن ذكرته عاليه ،أن بريفيك في آن ،فالهدف
الإسلام قد نجح في «خرق» الحقيقي لهجمات بريفيك
على الرغم أنه لا حب لم تكن التعددية الثقافية،
ضائع بين أنصار التعددية أسس التراث الأوروبي، بقدر ما استهدفت المهاجرين
«دون تعزيز للثقافة والهجرة والتنوع .وقد
الثقافية ومحاربي صدام سبق أن طر ْح ُت أن مشكلة
الحضارات .فالأنصار الأوروبية أو التحقق منها»، التعددية الثقافية هي تصنيف
وإنما عن طريق «إحلالها». الناس إلى قوالب ،مما يقوض
يتهمون المحاربين بالتملق وفي مقال جدلي طويل بعنوان التنوع ،أما بريفيك ،فهو لا
للعنصرية والإسلاموفوبيا، يعارض التعددية الثقافية
«أمريكا وحدها» ،يتحدث لأنه يدافع عن التنوع ،وإنما
بينما يصف المحاربون مارك ستين الصحفي الكندي يعارض التنوع لأنه يريد
الأنصار باسترضاء الإسلام وضع الناس في قوالب
عن تفجيرات سكة حديد
السياسي .إلا أن وراء هذا مدريد ،وهجمات السابع من
العداء ،يشترك الطرفان
يوليو على شبكة النقل في
في الافتراضات الأساسية
حول طبيعة الثقافة والهوية
والاختلاف .فالطرفان
يعتبران الانقسامات
الاجتماعية الرئيسة بأنها
ثقافية أو حضارية .ويرى