Page 272 - merit 40 apr 2022
P. 272
العـدد 40 270
أبريل ٢٠٢2
المعرفة .الحضور الأسمى كان فارقة وهو على حافة الحياة. «إبليس هو الضرورة ،مثله كمثل
للعلماء ،والمفكرين ،وأصحاب بل إنه يزيح من طريقه كل من ضرورة الإلـ» .غير أني لا أعرف
النصوص المُض َّمنة في صفحات
الكتاب ،وهو حضور خارجي يميل عرفوا بس ِّر كتابه قبل إنجاز ِ َل َ ْل تكتمل كلمة الإله هنا .بل
إلى دعم التفسيرات الداخلية ،أو ترجمة كاملة له .هل يمكننا أن تزيد الأمر تأكي ًدا بإلباس الشيطان
جسد امرأة مغوية ،زوجة الطبيب
تبريرها. نعد ذلك مزي ًدا من الحذر ،أو
الدائرة ..ما هي نقطة البداية رغبة في التشويق؟ أظن أن الرغبة صديق الراوي الذي ُقتل بالسم.
ونقطة النهاية في الدائرة؟ لا توجد تشتمل رواية «روح» على حكايتين:
لا نقطة بداية أو نهاية في الدائرة. في التشويق كانت سببًا لذلك،
لو أننا نبحث عن إجابة أخرى فالحكاية الأولى تستثمر ذلك في الأولى عن الراوي ،وهو مدرس
في حقل الاحتمالات ،فسنعثر تهيئة الأجواء للترجمة .أما الحكاية تربية موسيقية بإحدى المدارس،
ببساطة على إجابة :الدائرة منحنى الثانية فهي ترجمة الكتاب العجيب، يعث ُر على مخطوط في البحر .كاد
مغلق كامل الاستدارة يتكون يغرق ذات مرة على ُبعد خطوات
من مجموعة نقاط ،كل نقطة في حيث تحكي «روح» عن عالم
محيطه على مسافة متساوية من الخلود الم ُتجسد في وردة هائلة. من الشاطئ ،فوضع يديه على
مركزها مع بقية النقاط الأخرى. يعيش أهل النعيم على أطرافها الرمل وإذا بها تمسك شيئًا طر ًّيا،
أي أن كل نقطة في الدائرة تصلح الخارجية ،وأهل الأعراف يعيشون يقبض عليه كأنه لقية ،ويتمسك به
أن تكون نقطة بداية حين نضع في الوسط .أما أهل النار ف ُيعذبون وهو خارج بين عيون المصطافين
سن القلم ونبدأ الدوران منها، الضاحكين سخرية من الكهل الذي
ونفس النقطة أي ًضا تصلح كنقطة في جزئها الداخلي. خرج بكتاب كبير أشبه بمخطوط
للنهاية في نفس الدائرة .هذه هي قديم ..هل هناك مكان أكثر مثالية
اللعبة الفنية التي عمدت الرواية إلى الصوت الفردي ،والصوت
البناء عليها .دورة الزمن أبدية لا الجماعي.. من البحر؛ للعثور على كتاب من
فكاك من أسرها .يتجاور الماضي رأى لمن لن يصدق؟ البحر؛ حيث
والحاضر والمستقبل الميتافيزيقي قليلة هي الأصوات الفردية في
أي ًضا ،ويتبادلون مواقع البداية ،أو الرواية في مقابل الحضور الكبير ابتدأت عجينة الحياة تختمر،
النهاية سوا ًء في مغزي الرواية ،أو لصوت الجماعة البشرية .هناك وتتوالد إلى ما لانهاية من الأشكال،
باللغة السردية التي ُتح ِّقق المعني تغييب متعمد للأسماء باستثناء
من خلال تجاور عدة نصوص «روح» التي يحيل اسمها إلى كلمة والتجليات.
جمالية ،والتبادل السردي بين روح نفسها بما توحي به من عالم يحوي الكتاب 967صفحة من
حكاية الراوي ،وتفاصيل الكتاب، غامض يمور بداخلنا دون أن نحيط جلد البشر المتساقط من الجحيم،
والاستعانة بالحكي المشهدي حينًا، بأبعاده .أي أن الصوت الفردي وقد صاغت «روح» قصة الأبدية
والسرد السريالي حينًا آخر ،والمزج حتى يميل إلى إخفاء هويته وإن
بين الواقع والحلم والأسطورة. أعلن مهنته :الراوي ،رجل ،امرأة، بالرسم ،والتعبير عن المعاني
هذا التبادل والتجاور والتضمين طبيب ،ضابط ،محام ،طفل ،مدير بالرسم ليس جدي ًدا على الناس،
يرسم عالم الرواية التي تميل إلى هو لغة الحضارات القديمة حيث
تشكي ٍل فن ٍّي يري الموت مجرد الإدارة.. اللغة شفرة خاصة تحفظ الأسرار،
فاص ٍل بين نوعين من الحياة؛ لأن فيما يحضر الصوت الجماعي بقوة وحيث المحاولات الدؤوبة لصياغة
حياة كل البشر متواصلة ،وأبدية
مع غياب الأسماء أي ًضا ،فالرواة رؤية للوجود وغايته .يقضي
بال ِكتاب ليسوا روح وحدها، الكهل الأربعيني ستين عا ًما في
ترجمة الكتاب ،أي تحويل لغة
هي مجرد ناقل أمين لما يبوح به الصور القادمة من عالم الأبدية إلى
أهل الجحيم من المعاناة ،أو أهل لغة الكلام .يسافر إلى بلاد شتَّى،
الأعراف من الحيرة ،أو سكان يقارن الظواهر ،يطالع آلاف الكتب،
النعيم من الاندهاش والرغبة في فقط ليترجم كنز حياته ،كتاب روح
الذي أهدته إياه الطبيعة ذات لحظة