Page 271 - merit 40 apr 2022
P. 271

‫‪269‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫كتب‬

   ‫إبليس‪ -‬الله‪ ،‬أو الله‪-‬‬               ‫لا توجد هناك على أرض وردة تطرح أسئلتها وفرضياتها من‬
        ‫إبليس‪..‬‬
                                          ‫خلال المزج بين طبيعة التفكير‬            ‫الأبدية أوراق ولا أدوات‪ .‬مكتو ٌب‬
 ‫تلك الثنائية غير متكافئة المستوى‪.‬‬      ‫الإنساني حيث لا يستطيع الناس‬             ‫في صفحة ‪« :59‬المهم‪ ،‬نحن نعيش‬
‫الله في السماء‪ ،‬وإبليس في الأرض‪.‬‬
                                            ‫استيعاب العيش خارج إطار‬                  ‫بل لي ٍل أو نهار‪ ،‬لا شمس ولا‬
     ‫الله هو الخي ُر المطلق‪ ،‬وإبليس‬        ‫الزمن‪ ،‬وبين المعتقدات الدينية‬         ‫قمر‪ ،‬بالطبع نمتلك المعرفة الكافية‬
   ‫هو الش ُّر الخام‪ .‬في الأديان كلها‬                                             ‫لصنع ساعة رقمية فائقة الجودة‪،‬‬
‫يرتبط النور بالظلام بعلاقة تضاد‪،‬‬              ‫الإسلامية التي ُتق ِّسم أهل‬
  ‫لكن المُن ِّقب عن الحقيقة لا يعرف‬        ‫الآخرة إلى ُمن َّعمين‪ ،‬ومع َّذبين‪،‬‬         ‫ورملية أي ًضا‪ ،‬غير أنه هنا لا‬
   ‫النور إلا بالظلام‪ ،‬ولا الظلام إلا‬      ‫ووسطيين لا ينتمون إلى هؤلاء‬            ‫نمتلك أدوات للإنتاج ‪-‬وتلك محنة‬
  ‫بالنور‪ .‬كل شيء في العالم َم ِدين‬       ‫ولا إلى هؤلاء‪ ،‬وربما تكون هذه‬           ‫قاسية‪ -‬كيف سننشئ مصن ًعا على‬
 ‫لهذا التضاد الذي تنشأ الحياة من‬         ‫أقل مناطق الرواية جمو ًحا فنيًّا‪،‬‬       ‫ورد ٍة رخو ٍة‪ ،‬لا يوجد فوقها أو في‬
   ‫خلاله (الذكر‪ /‬الأنثى)‪ ،‬وتجعل‬         ‫وفكر ًّيا؛ لأن شخصيات الروايات‬
  ‫الأشياء كلها صالحة للاستعمال‬         ‫لا يتبدل وعيها بذاتها‪ ،‬ولا بالزمن‬                  ‫باطنها جبال بها حديد»‪.‬‬
  ‫(السرعة‪ /‬المكابح)‪ .‬انظر إلى كل‬       ‫في الرواية بين حياة الدنيا‪ ،‬وحياة‬          ‫والثانية في تبرير يشتبك مباشرة‬
  ‫ما حولك‪ :‬لا فائدة لأي شيء إذا‬        ‫الآخرة‪ ..‬ربما يكون (الخلود) مثل‬
 ‫لم يوجد ضده‪ .‬فالقوة مهما كانت‬             ‫الحلم‪ ،‬لا زمن له‪ .‬رغم ذلك لا‬               ‫مع قارئ لن يصدق الحكاية‪،‬‬
 ‫مفيدة تحتاج إلى كابح يوقفها عند‬        ‫يصيبنا ال َم َلل في تتابع ال ُحلم؛ لأنه‬  ‫فيخبره الراوي أنها حكاية عصيَّة‬
   ‫حد‪ ،‬أو ُيع ِّرفنا بقيمتها‪ ،‬ويسمح‬    ‫لا يقف عند مشه ٍد‪ ،‬ولا يكرر حالة‬          ‫على التصديق‪ .‬ال ِكتا ُب نفسه يحمل‬
 ‫بحالة من التوازن وإلا سطا كائن‬                                                   ‫عنوا ًنا جانبيًّا‪« :‬كتا ُب من رأى لمن‬
   ‫أو شيء ما على جميع الكائنات‬                      ‫واحدة بتطابق تام‪.‬‬
‫والموجودات فدمر علاقاتها‪ .‬تحتاج‬         ‫يتجاور فن الرسم مع الكلمة مع‬                                 ‫لن يصدق»‪.‬‬
                                          ‫الموسيقى على صفحات الرواية‬                 ‫والثالثة في وضع عناوين دالة‬
      ‫الحياة للموت؛ لتتجدد‪ ،‬مثلما‬       ‫دون إقحام أو افتعال‪ ،‬يخبرنا أن‬            ‫أعلى الفصول‪ ،‬ثم تقديم تعريفات‬
  ‫تحتاج الطبيعة إلى آكلات اللحوم‬       ‫الفنون ليست طريقة للتعبير فقط‪،‬‬
                                       ‫لكنها أي ًضا طريقة للتفكير‪ ،‬ورؤية‬               ‫خاصة بكل منها‪ ،‬أو مقاربة‬
      ‫لتوقف التزايد المُ َّطرد لأعداد‬                                            ‫الميتافيزيقي إلى شيء يمكن بكثير‬
                       ‫الفرائس‪.‬‬                         ‫أخرى للوجود‪.‬‬
                                                                                    ‫من الجهد أن نتصوره‪ .‬إضافة‬
  ‫في صفحة ‪ 139‬نقرأ هذا الحوار‪:‬‬                                                        ‫إلى تدخلات الراوي الأول في‬
 ‫«‪ -‬متي ستنتهي دائرة الحياة‪-/.‬‬                                                       ‫كتابة اعتراضات بين قوسين‬
                                                                                     ‫أثناء عرض فصول الكتاب‪ ،‬أو‬
    ‫عندما نتوقف عن الانتصار في‬
      ‫معركة البقاء»‪ .‬الصراع بين‬                                                     ‫كتابة هوامش توضيحية أسفل‬

     ‫المتناقضات هو جوهر الحياة‪،‬‬                                                    ‫الصفحات‪ .‬والرابعة في التعامل‬
   ‫وغيابه في الآخرة يربك الجميع‪،‬‬                                                   ‫مع الزمن ك ُبع ٍد رابع حسب ما‬
   ‫فيقررون العودة إلى الأرض‪ ،‬أو‬                                                  ‫تقول نظرية «آينشتاين» النسبية‪.‬‬
‫إرسال صيحة إنذار بواسطة ِكتاب‬                                                     ‫يحضر الزمن الخ ِّطي الذي يمتد‬

          ‫ُد ِّون فيه كل (الحقائق)‪.‬‬                                              ‫من الماضي إلى الحاضر في قصة‬
     ‫يحتاج الدين إلى إبليس كأداة‬
‫للاختبار‪ .‬بهذا المعني تطرح الرواية‬                                               ‫ُمد ِّرس الموسيقى‪ ،‬وينعدم تتابعه‬
‫رؤيتها لإبليس‪ .‬في صفحة ‪ 31‬نقرأ‬                                                                  ‫عند أهل الوردة‬
    ‫على لسان إحدى الشخصيات‪:‬‬
                                                                                 ‫(القيامة)‪ ،‬لكنهم لا‬

                                                                                 ‫يستوعبون حياة‬

                                                                                 ‫بلا زمن‪ ،‬ف ُيق ِّسمون‬
                                                                                 ‫المسافات إلى أزمنة‪.‬‬

                                                                                 ‫هذا التصور ُيثبت‬
                                                                                 ‫أن الرواية لا تزال‬

                                       ‫محمد علي إبراهيم‬
   266   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276