Page 51 - merit 40 apr 2022
P. 51
49 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
ميشيل فوكو فرانز كافكا فهم أفضل لتعددية الأصوات الكونية وتناغمها
ومن بينهم صوت الإنسان.
أفضل عدم تحديد نفسي ،فمن الممتع بالنسبة لي أن
أن ِّوع من مناهجي في التقييم والتصنيف». التأويل ُيعيدنا للقراءة المتأنية المتأملة التي تحفل
بالكلمة وتحترم سياقاتها المختلفة وما تحمله
وقد ُيفسر رفض فوكو أن يوضع في قالب بعينه
كاستراتيجية اجتماعية وسياسية لها مركزيتها من أنساق ثقافية عبر أزمنة مختلفة .ويؤكد لنا
التأويل أن عملية الفهم ليست لحظية مباشرة وإنما
في فلسفته العامة ،إذ يرفض أي إيحاء بوجود تاريخية ،مرتبطة بالماضي والحاضر في آ ٍن واحد.
اليقين في الحياة الاجتماعية ،وبحسب قوله «ماذا
(مروة مختار ،2021 ،صص.)104 -101
لو كان فهم العلاقة بين الذات والحقيقة ،مجرد القراءة مجاهدة ..إن فن القراءة ليس هو إضفاء
أثر للمعرفة؟ وماذا لو كان الفهم تكوينًا متعد ًدا، أنفسنا بلا ضابط .نحن لا نقرأ من أجل أن نجعل
و ُمعق ًدا ،وغير فردي ،وليس خاض ًعا للذات ،التي
أنتجت آثار الحقيقة؟»( .تيم ميه وجاسون بويل، الكتاب أو الفن ذلو ًل أو قنية شخصية .إن فن
القراءة هو فن مواجهة الصعوبات التي نلقاها
صص)249 -225 في تعريف أنفسنا والآخرين( .مصطفى ناصف،
وفي سياق العلاقة بين النص والمُفسر ..من الواضح ،1955ص )294يجب أن نقرب بين فهم النصوص
أن الفنومينولوجيا قد هالها إخضاع الأعمال الأدبية وفهم أنفسنا وفهم الناس ،فهم النص ليس هو
للمفسرين ،يبدو أننا نصغي للأعمال التي نقرؤها، قراءته الأولى .القراءة الأولى عاجزة .الفهم يحتاج
ولكنه إصغاء الراهب في الانقضاض .النصوص من
إلى قراءات وصبر وكبح الانطباعات الأولى.
خلال عدد غير قليل من مناهج القراءة أشياء لا تجربة الحياة هي تجربة قراءة نص أكثر من مرة.
أشخاص .النص ليس «أنت» ،لقد غاب عنا أن نتفكر
(ناصف ،2000 ،ص)9 -8
في مغزى بعض النظريات والممارسات .نصوص ويستدعي موقف ناصف المنهجي المتحرر موقف
تخضع لما أشاء من تصرف .لا أحد يفكر في ميشيل فوكو المُماثل ،فحين ُيعلن أن التأويل هو
درس في الحرية .وأن التأويل لا يبحث عن إجابات
النصوص باعتبارها خطا ًبا يتجه إل َّي .وكلما اشتدت حازمة جازمة ُيحيلنا موقفه إلى موقف فوكو حينما
صرامة المنهج زاد خضوع النص لمتناوله ،واستنكر كان ُيصنف باعتباره ُبنيو ًّيا ،فقد كان متواف ًقا مع
نفسه« :أجدني ُمضط ًرا لتكرار ذلك باستمرار ،فلم
يسبق لي أن استخدمت أي مفهوم يمكن اعتباره
من مفاهيم البنيوية» .وهو في هذا الإطار يرفض
رؤية الأحداث كأعراض ل ُبنى اجتماعية أعمق،
ويرفض التحليلات المُصاغة في ضوء الحقل الرمزي
أو مجال ال ُبنى الدالة ويعتقد أنه لا ينبغى أن ُترد
نقطة المرجعية إلى نموذج لغوي عظيم (الكلام)،
والعلامات ولكن إلى الحرب والمعركة.
وهو الأمر الذي يؤكده ناصف في رفضه للبنائية؛
حيث يعتقد أنها ابتدعت نظا ًما لغو ًّيا يعفي على
البصيرة الباحثة عن الانحناء والتجانس الأثير.
هناك نزاع حاد في أعماق البنائية والعلامات .وهناك
حرص غريب على إهمال فكرة الشخصية الإنسانية.
لقد كان ميشيل فوكو «فيلسو ًفا ُمقن ًعا» يتعمد
تجنب الانحياز لأي مدرسة فكرية «صحيح أنني