Page 54 - merit 40 apr 2022
P. 54

‫العـدد ‪40‬‬                           ‫‪52‬‬

                                                              ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

‫د‪.‬بيومي توفيق بيومي‬

‫قراءات الشعر‬
‫عند مصطفي ناصف‬

‫يرى أن أثر الشعر الجاهلي سحري وجاذبيته كبيرة‪ ،‬حيث ظل‬

‫الشعراء يصطنعون لغة الأطلال‪ ،‬ويبكون الديار‪ ،‬ويذكرون منازل‬

‫الأحبة بعد انقضاء العصر الجاهلي‪ ،‬وظل الشعراء ينتقلون من‬

‫موضوع إلى موضوع في القصيدة على نحو قريب أو بعيد من الأدب‬
‫الجاهلي‪ ،‬وظلَّت المادة التي يصنع منها الشعراء خيالهم متشابهة‬

‫أو كالمتشابهة‪ ،‬فالشمس والنجوم والجبال والوديان وأنماط الشجر‬
‫والنبات وال ِّظباء والأبقار والثور والخيام والنؤي والأثافي والناقة‬
‫والفرس والبحر والسفن كل أولئك ظ َّل مادة تفكير أدباء العربية‬
‫عصو ًرا طوا ًل‪.‬‬

‫ولا نثق في أن عالم القصيدة مغلق وعسير‪ ،‬وبعبارة‬         ‫يريد د‪.‬مصطفي ناصف أن تتغير القراءة النمطية‬
  ‫أخري لا نجاهد في سبيل كسر الحواجز الفاصلة‪،‬‬
 ‫وإقامة جسور أخري عامرة بالإلف والاتصال»(‪.)3‬‬            ‫الواحدة بمعني أننا نعيش أزمة نقدية بسبب «أن‬
    ‫ويؤكد أن القراءة المقصودة هي القراءة الحسنة‬           ‫فن القراءة لا ينمو نم ًّوا حقيقيًّا في كتاباتنا عن‬
     ‫وليست أي قراءة‪ ،‬فهو يؤمن بقول أستاذه طه‬                            ‫الأدب العربي على الإجمال»(‪.)1‬‬
 ‫حسين «هناك ناس يعيبون الأدب العربي دون أن‬                  ‫ثم يذهب ‪-‬ساخ ًرا‪ -‬إلى أن دراسة الأدب العربي‬
                                                         ‫تؤول من الناحية العملية إلى فن إقامة الحواجز بيننا‬
‫يفحصوا عما يريدون‪ ،‬وهم لم يقرأوا الأدب العربي‬
 ‫قراءة حسنة»(‪ .)4‬ويعلق قائ ًل‪« :‬وأنا أرجو أن تقرأ‬      ‫وبينه‪ ،‬ويري أن مهمة القراءة تكمن في تخطي الحواجز‬
                                                       ‫وتجاوزها» وإذا استطاع المرء أن يفطن إلى وجود هذه‬
                   ‫هذه العبارات بقلب خالص»(‪.)5‬‬         ‫الحواجز في نفسه فقد بدأ يشك في قدرتنا على القراءة‪،‬‬
  ‫لقد أراد أن يعرف أسباب الحواجز ليسهل التغلب‬         ‫ذلك أن القراءة هي فن كسر الحواجز بيننا وبين قصيدة‬
   ‫عليها فنراه يقول «هذه الحواجز النفسية خطيرة‬
  ‫ح ًّقا‪ ،‬وهي من صنع الظروف الاجتماعية المحيطة‬                                         ‫من القصائد»(‪.)2‬‬
 ‫بالقراء أحيا ًنا‪ ،‬وصنع الدارسين الذين لا يحسنون‬      ‫يقول‪« :‬والقصيدة عال ٌم مكت ٍف بنفسه يحتاج إلى أن‬

                               ‫القراءة أحيا ًنا»(‪.)6‬‬    ‫يطرق بابه طرقات متعددة قارئ قوي رفيق م ًعا‬
  ‫ثم يعرض لأهم ألوان الحواجز من مثل المسلمات‬          ‫حتى يؤذن له بالدخول‪ ،‬ولكننا مع الأسف لا نعيد‬
                                                       ‫الطرق‪ ،‬ولا نكرر محاولة الاستئناس والاستئذان‬
   49   50   51   52   53   54   55   56   57   58   59