Page 52 - merit 40 apr 2022
P. 52

‫العـدد ‪40‬‬   ‫‪50‬‬

                                                    ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

                        ‫‪ ،2006‬ص‪)349 -348‬‬            ‫مبدأ التجربة‪ .‬ويثير أصحاب الفينومينولوجيا شيئًا‬
  ‫في ضوء ما تم طرحه من مقولات وقضايا فإنني‬             ‫من الجدل الجذاب حول فكرة التحليل‪ ،‬والعلاقة‬
  ‫أحاول خوض التجربة التحليلية الفينومينووجية‪،‬‬
                                                     ‫بينه وبين التجربة‪ .‬ليس كل تحليل ُمثر ًيا للتجربة‬
     ‫من خلال محاولة تحليل قصتين قصيرتين(‪.)2‬‬            ‫والشعور بقوة القول‪ .‬إن التحليل يتم أحيا ًنا على‬
                      ‫وذلك ارتكا ًزا على دعامتين‪:‬‬       ‫حساب واقعة الفهم‪( .‬مصطفى ناصف‪،1995 ،‬‬

‫الأولى‪ :‬أن مادة التحليل الفينومينولوجي هي خبرة‬                                    ‫صص‪)166 -162‬‬
              ‫الحياة اليومية وعالم الحياة المُعطى‪.‬‬      ‫ومن هنا تعترف الفينومينولوجيا بأفق المُفسر‪،‬‬
                                                     ‫المؤول يسأل النص أو يعمل فيه أفقه‪ ،‬ولكن النص‬
 ‫الثانية‪ :‬أن التأويل هو تجديد الحياة وأن التجربة‬      ‫يعود فيسأل هذا الأفق‪ .‬هناك إذن جدل أو حوار‪.‬‬
‫التأويلية هي مشاركة الإنسان في وجود متجدد على‬        ‫والحوار بعيد عن قبضة المؤلف‪ ،‬وبعيد عن قبضة‬
                                                    ‫المتلقي أو المتأول‪ .‬التأويل إذن عالم بين الأشخاص‪،‬‬
  ‫الدوام؛ فهي تنفي عناصر من أجل إثبات عناصر‬           ‫أو عالم حوار وانصهار آفاق‪ .‬التأويل خروج من‬
‫أخرى‪ ،‬وهناك عناصر تتراجع من أفق النص‪ ،‬وبهذا‬             ‫العزلة وأسر الذات أو انطوائها‪ .‬لو كان التأويل‬
                                                        ‫في قبضة الذاتي‪ ،‬كما ُيقال‪ ،‬لما أمكننا أن نشرح‬
 ‫فالتجربة التأويلية هي خلق أو فتح جديد للوجود‪.‬‬
   ‫وفي ضوء اعتراف الفينومينولوجيا بأفق المُفسر‬            ‫التغيرات المهمة التي حدثت في آفاق الإنسان‪.‬‬
     ‫وتساؤلاته‪ ..‬فإني أهدف إلى الدخول في دائرة‬                      ‫(ناصف‪ ،2000 ،‬ص‪)167 -166‬‬

 ‫الحوار التأويلي مع قصة (الله محبة) وقصة (بيت‬            ‫فكرة (ما يعنيه النص) تثير الجدل‪ ،‬إذا تناولنا‬
                                 ‫سيء السمعة)‪.‬‬            ‫حالة نص أدبي مثل قصة «المسخ» التي كتبها‬
                                                    ‫فرانز كافكا‪ ،‬فإن المعايير اللازمة لإدراك معناها لن‬
   ‫القصة القصيرة لم تتخلف عن القيام بدورها في‬         ‫ُتستمد بالصورة المثلى من ارتباط النص بالأفعال‬
  ‫تصوير المجتمع في لحظات تحوله وقلقه وتوتره‪،‬‬         ‫في الحياة العامة‪ .‬والذي كان يقصده كافكا بالمعنى‬
 ‫وما يفرزه من قيم وأخلاق وعادات‪ ،‬وما يدخل في‬              ‫الأدائي من كتابتها لا يصلح لإيضاح معناها‬
‫نسيجه الثقافي من أساطير وغرائب وتراث‪ .‬ويحكم‬
‫الذات المُبدعة والمجال علاقة جدلية تتنامى مع جدل‬                                     ‫باعتبارها أد ًبا‪.‬‬
    ‫العلاقة في عناصر الواقع المتنوعة‪( .‬محمد قطب‬        ‫وفكرة ما يعنيه النص‪ ،‬على أية حال مثار خلاف‬
                                                      ‫جوهري‪ .‬يمكن النظر إلى معنى النص الأدبي من‬
                         ‫عبدالعال‪ ،1994 ،‬ص‪)4‬‬          ‫حيث غياب أي شيء موضوعي يمكنه أن يقضي‬
   ‫وقد تم اختيار القصتين موضع التحليل لأن كل‬
    ‫منهما تعالج موضو ًعا ُمتغلغ ًل في نسيج حياتنا‬        ‫بصحة تفسير محدد‪ ،‬بل إن المعنى يتكون من‬
   ‫وممارساتنا الاجتماعية؛ حيث تناقش قصة (الله‬       ‫خلال فتح مساحة للقارئ حتى يقيم صلات منوعة‬

     ‫محبة) فكرة الدين‪ ،‬وتناقش قصة (بيت سيئ‬             ‫بين النص وبين الطرائق المختلفة التي ُيفهم بها‬
 ‫السمعة) فكرة القيم والموروثات الثقافية‪ .‬كما أنهما‬      ‫عالمه‪ .‬هناك عدد من الإمكانات التفسيرية‪ .‬وهذا‬
                                                      ‫المدخل لا يفتح الطريق أمام تفسيرات بلا ضابط‬
     ‫تمسان قضايا خلافية شائكة ومتجددة‪ ،‬حيث‬            ‫ولا رابط‪ ،‬كما ُيزعم في حالات كثيرة‪ ،‬فالواقع أن‬
‫تدور أحداث القصة الأولى عام ‪ ،1955‬والثانية عام‬        ‫الصلات التي يقيمها أحد القراء قد يرفضها قراء‬
 ‫‪ ،1966‬ورغم ذلك فلا زالت القضايا المُثارة في ثنايا‬  ‫آخرون باعتبارها منحرفة‪ ،‬وهذه الحقيقة تقدم إلينا‬
                                                    ‫منظور إقرار صحة (معنى) نص كافكا استنا ًدا إلى‬
  ‫الأحداث موضع جدل ونقاش اجتماعي وأخلاقي‬              ‫التفاعل بين الذوات‪ ،‬واعتما ًدا على الأدلة المستمدة‬
                                        ‫وديني‪.‬‬      ‫من داخل النص‪ .‬ولكن هذا لا يؤدي بالضرورة إلى‬
                                                    ‫تثبيت الطرائق الممكنة لقراءة النص‪ ،‬بل إنه قد يزيد‬
   ‫وسوف يتم التحليل في ضوء الفكرة المُلهمة التي‬      ‫فع ًل من عدد الإمكانات التفسيرية‪( .‬أندرو بووي‪،‬‬
‫طرحها ناصف حول تجسيد الصورة الأدبية للنظام‬

    ‫المُعقد للعلاقات الاجتماية ومعرفة الأيديولوجيا‬
           ‫وصيغ الحياة السائدة في مجتمع بعينه‬
   47   48   49   50   51   52   53   54   55   56   57