Page 282 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021

‫العـدد ‪30‬‬ ‫‪280‬‬

‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

‫الشرقية والمغاربية نظر ًّيا وتطبيقيًّا‬ ‫أشكال التأليف الموسيقي وقوالبه‪.‬‬ ‫الأرغن أو البيانو أو الأوركسترا‪،‬‬
‫أثرت تأثي ًرا مباش ًرا في نهضة‬ ‫من المعروف أن العصور الوسطى‬ ‫ثم تطورت في المجالين الديني‬
‫الموسيقى الأوربية‪ ،‬منها على‬
‫سبيل المثال ما يتضح في أول‬ ‫كانت الحقبة التي أثرت فيها‬ ‫والدنيوي إلى مؤلف غنائي كبير‪.‬‬
‫الأغاني الرومانية المسيحية في‬ ‫علوم وفنون العرب والمسلمين‬ ‫وبعد ذلك جاء التتويج الحقيقي‬

‫إسبانيا وجنوب فرنسا ‪Chants‬‬ ‫في أوروبا‪ ،‬فقد كانت آنذاك‬ ‫للغناء بظهور فن الأوبرا‪.‬‬
‫‪ ،Romans‬وفى الموسيقى الدينية‬ ‫الحضارة العربية الإسلامية‬ ‫من هنا نرى أن فن الغناء‬
‫والتراتيل الكنسية ‪،Plain-Chant‬‬ ‫في أزهى صورها حينما كانت‬ ‫بدأ وحي ًدا ثم ارتبط بعد ذلك‬
‫أوروبا غارقة في ظلام دامس من‬ ‫بالموسيقى لعصور طويلة في‬
‫وكذلك في موسيقى التروبادور‬ ‫التخلف‪ .‬ومن أدلة هذا التأثير في‬ ‫أوروبا حتى جاء عصر الباروك‬
‫‪ Troubadours‬وغيرهم من‬ ‫مجال الموسيقى هو أن العرب‬ ‫(نحو عام ‪ 1600‬إلى ‪ ،)1750‬وهي‬
‫صنفوا بين القرن التاسع والقرن‬ ‫الحقبة التي تبلورت فيها القوالب‬
‫الشعراء الموسيقيين المتجولين‪،‬‬ ‫الثالث عشر الميلادي أكثر من‬ ‫والصيغ الموسيقية بشكل عام‪.‬‬
‫وكذا في بعض أشكال الموسيقى‬ ‫مائتي كتاب في فنون وعلوم‬ ‫وفي هذا العصر بدأ الاتجاه بقوة‬
‫الشعبية التي ما زالت متداولة إلى‬ ‫الموسيقى‪ ،‬كان عدد منها معرو ًفا‬ ‫نحو الاهتمام بموسيقى الآلات‬
‫يومنا هذا‪ ،‬حيث يزخر بها التراث‬ ‫ويدرس في جامعات أوروبا وما‬ ‫الخالصة‪ ،‬بعد أن مرت بتجارب‬
‫الإسباني والبرتغالي وفى جنوب‬ ‫زال إلى اليوم‪ .‬وهناك كثير من‬ ‫طويلة إلى أن استقلت عن فن الغناء‬
‫فرنسا وإيطاليا والجزر التابعة‬ ‫الأدلة المتعددة على أن الموسيقى‬ ‫وتحررت منه تما ًما في كثير من‬

‫لهما‪.‬‬ ‫أشهر المغنين والملحنين في العصر العباسي‬
‫فأمامنا التجربة الأوروبية التي‬
‫استمرت طوي ًل وظل الغناء وحده‬ ‫نوتة موسيقى عربية‬

‫فيها قيد الكنيسة‪ ،‬ثم لازمه‬
‫لاح ًقا الأداء الموسيقي واستمرا‬
‫م ًعا قرو ًنا طويله إلى أن استقلت‬
‫الموسيقى وأصبح هناك ما يسمى‬

‫بموسيقى الآلات‪.‬‬
‫إن ارتباط الموسيقى بالغناء الديني‬

‫داخل الكنيسة في أوروبا قرو ًنا‬
‫عديدة بهذا الشكل‪ ،‬كان أقوى من‬
‫ارتباطها بالغناء الدنيوي الذي كان‬

‫يتمثل غالبًا في الأغاني الشعبية‬
‫وقصص أبطال العصور القديمة‪،‬‬
‫ولكن الكنيسة كانت ترى أن هذا‬

‫الغناء الدنيوي يصرف الناس‬
‫عن التراتيل الدينية‪ ،‬واعتبرت‬
‫الموسيقيين الذين يؤدون هذا‬
‫النوع هم حملة الآثار الوثنية‪،‬‬
‫لذلك فقد لاقى هؤلاء الموسيقيون‬
‫اضطها ًدا كبي ًرا ج ًّدا من قبل‬
‫الكنيسة والحكومات والقوانين‪.‬‬
‫إذن وفي ضوء ما سبق فإننا‬