Page 277 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 277
275 ثقافات وفنون
كتب
لا الإنسان والآلهة ،إنها تعري أسطوري ،يحتاج إلى تفسير
َت ْد َف ُعه ال ِّر َوا َية وتأويل ،كي لا يبقى نشا ًزا .أثناء
المجتمع ،وتكشف أسراره ،حتى
و قراءتنا ،وجدنا العمل يخضع
لا لا يبقى العقل أسير هذه الحروب، في خلقه وبنائه ،لوقت طويل،
ال َّسارد ُي ْع ِم ُل فيه ما شا َء من
ُج ْر ٍح و َت ْعلِيل: بل تدخل إلى القصور لمعرفة ومجهود متواصل ،وترتيب
“لا تقتضيه الأحداث والوقائع ،حيث
ا ْجتِها َد مع.. المحجوب ،مما يجعلك تحسم في
النص» من ( ُس َّد ال َّط ْوق) ،تبدأ أهوال
التأويل وحده جائر”( .ص)17 اتخاذ موقف ما: الحرب ،كما يتعين على المتلقي أن
هكذا يتم التصريح ،بأن «التأويل “الآلِ َه ُة على َمسا َف ٍة من ال َّد ِم
وحده جائر” ،وهذه إحدى ِح َيل َت ْش َر ُب َن ْخ َب َغ ْيبِها، يكون ُملِ ًّما و ُم ْد ِر ًكا للتفاصيل،
الكتابة وخ َدعها ،فكل محظور وعار ًفا بالأبطال ،قبل الشروع
مرغوب ،حتى يتوالى التأويل، َت ْن َع ُم بظلا ِل ال ُكرو ِم ال َوا ِر َفة. في القراءة ،لأن الشعر ُيو ِمي ُء ولا
للوصول إلى اهتراءات واقعنا لا ُي َف ّصل ،يشير ولا يتبع الأجزاء.
الآني ،بفعل الدسائس والحروب، شي َء ُي ْلهي َها َع ْن َن ْو ِمها، إن هذا المشروع لا يقتفي أثر
منذ وجود الكائن البشري على مهما َعلا ال ُغبا ُر،
هذه الأرض؛ ثم هذا التناظر أو هوميروس ،بل يقول ما لم
بين حقبتين مختلفتين حضار ًّيا طا َش ِت ال ِّسها ُم عن أ ْوتا ِرها”. َت ُق ْل ُه السطور ،لِ َيتِ َّم فسح المجال
وزمنيًّا .المرحلة السابقة ملأى (ص)16
بالآلهة والأساطير ،التي تزرع للتخييل ،لِ َن ْسج باقي تفاصيل
الرعب في نفوس المحاربين، إنها لقطة سينمائية .من خلالها الحكي ،وهذه من أش ّق المهمات،
وتتحول الأحداث والوقائع، لأنها تتطلب توفر التشويق ،لجعل
إلى أساطير تتناوس بين الخير تسعى اللغة إلى تأزيم الموقف، المتلقي يقتنع بمصداقية ما يقرأ،
والشر ،وكذلك العصر الحالي،
الذي فيه تتحول التقنية إلى وتقديمه بصورة اللامبالاة في ويتابع جحيم الحروب.
أسطورة تفوق ما م ّر وسبق. نقطة البداية ،نقطة العشق :إن
هذه المهمة العسيرة ،يتحمل آن ،حيث المشهد يدنو من تأزيم
مشاقها السارد /الشاعر ،في الأنثى في العصور الغابرة،
مرحلة سالفة ،ونعني هوميروس، اللحظة /اللحظات ،ولكن في وجودها لا ينحصر في الاهتمام
ومرحلة تالية ،أشد صعوبة بالجسد وغوايته ،بل تغير مجرى
ومشاقة ،كون السارد /الشاعر تجاويفه ،يخبرنا الشاعر بعدم
الذي هو هنا صلاح بوسريف، نسيان ال ِّش ْعر: الأحداث ،إما بالنسيج لإطالة
يكثف اللحظات السابقة ،عبر “الح ْر ُب َق َدر، الانتظار ،أو بالعشق المقترن
الإشارة والرمز ،ويتجاوز ذلك جوائح، ِ ِفح ْبا َكلأة ْرالنِّضصم،ن ما َي ْج ِري بالخيانة ،من أجل تغيير ُس ّدة
ليطل على تلال العصر الحالي، َب ْعض من الحكم ،أو َس ّدة الطوق ،كما جاء
ويشد انتباه المتلقي ،دون أن يميل في النكاية ،التي تأمل من القاريء
إلى جهة دون أخرى. أن يتحلى بالصبر والحكمة ،لتتبع
يبقى الزمن ،العنصر الرئيس في التفاصيل بكل حماس ،ولقراءة
“الإلياذة” و”الأوديسا” بدقة
وانتباه ،ومتابعة ما
يبدعه بوسريف من
عوالم ،في نفس الآن.
إن فجائعية هذه
الحروب ،لا تنحصر
في الصراع الدائر بين
الخير والشر ،وبين
صلاح بوسريف