Page 274 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 274

‫العـدد ‪30‬‬                            ‫‪272‬‬

                                                                                     ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

      ‫التكرار اللفظي‬                                                                   ‫هذه العلاقة المتداخلة بين الرجال‬     ‫لا على التكرار نفسه وإنما ما بعد‬
                                                                                       ‫وقشور الموز‪ ،‬وبينهم وبين الموز‬       ‫الكلمة المكررة‪( .‬سامية الدريدي‪،‬‬
      ‫إن التركيز على تكرار الدوال‬                                                    ‫في حد ذاته؛ هي علاقة جدلية تنبني‬       ‫الحجاج في الشعر العربي القديم‬
     ‫المعجمية في العديد من قصائد‬                                                       ‫على التكرار الدلالي بين مكوناتها‪.‬‬
   ‫الديوان‪ ،‬يدخل في باب العناصر‬                                                                                                ‫من الجاهلية إلى القرن الثاني‬
   ‫البانية لقصيدة وليد علاء الدين‬                                                        ‫فكل مكون له مدلوله الخاص‪،‬‬              ‫للهجرة‪ ،‬الأردن‪ ،‬عالم الكتب‬
    ‫باستمرار‪ ،‬بحيث إنه يهيئ لها‬                                                       ‫فالرجال مكون علائقي يفتح آفاق‬
    ‫إيقا ًعا منتظ ًما بتقسيمات ُتعيَّن‬                                               ‫قول معين‪ ،‬لأن التفسير يختلف من‬                   ‫الحديث‪ ،‬ط‪)2008 ،1‬‬
   ‫مواقعها الدوال المكررة‪ .‬نجد في‬                                                    ‫قارئ إلى آخر‪ .‬بينما الموز وقشوره‬
   ‫قصيدة «أ ْص ُل الأ ْشيا ِء» نموذ ًجا‬                                                                                       ‫التكرار المقطعي في‬
     ‫لتكرار مفردة «الإله»‪ ،‬وهو ما‬                                                           ‫كمكون آخر يوحي بدلالات‬                ‫القصيدة‬
    ‫يعرض لاعتماد الشاعر التكرار‬                                                        ‫أخرى وبالتالي بتفسيرات أخرى‪.‬‬
     ‫عنص ًرا محور ًّيا لبناء قصيدته‬                                                   ‫والمكونان في تعالقهما وارتباطهما‬         ‫إن حرص الشاعر على البحث‬
‫الشعرية‪ ،‬حيث نجد أن هذا التكرار‬                                                       ‫م ًعا يتقاطعان في كونهما دلالة على‬     ‫عن الأطر الجمالية والفنية التي‬
     ‫اللفظي للمفردة ذاتها يريد به‬                                                     ‫مسخ ضوئي له آثاره حين يشكل‬           ‫تكسب شعره طرافة وتمي ًزا وعم ًقا‬
 ‫الشاعر توجيه دلالية قصيدته إلى‬                                                                                              ‫واض ًحا‪ ،‬جعله يؤكد على قدرات‬
  ‫عنصر محوري في علاقة الأشياء‬                                                             ‫تفسي ًرا سلبيًّا لصورة الرجال‬
  ‫والمخلوقات بخالقها‪ ،‬بالإله‪ ،‬حيث‬                                                     ‫العاجزين والسلبيين والجبناء مثل‬           ‫الشكل الشعري المتوفر لديه‪،‬‬
‫لا وجود للأشياء إلا بوجود الخالق‬                                                     ‫قشور الموز في عدم جدواهم‪ ،‬حيث‬         ‫حيث عمل على الإفادة من خاصية‬
‫الإله الذي يمثل أصل الأشياء كلها‪.‬‬
                                                                                         ‫لا قيمة غذائية لها ولا رغبة في‬        ‫التكرار والتنويع في القصيدة‬
                   ‫يقول الشاعر‪:‬‬                                                                           ‫استهلاكها‪.‬‬        ‫الواحدة‪ ،‬وتقديمها في عدة وجوه‬
                 ‫الإل ُه ال ِذي ِفي َك‪،‬‬
          ‫الإ َل ُه ال ِذي في ك ِّل النَّا ِس‬                                          ‫إن الشاعر وليد علاء الدين ينتج‬         ‫وتجليات‪ ،‬فعلى مستوى الدلالة‬
                                                                                           ‫المعاني المختلفة على مستوى‬          ‫والتعامل معها نجد أن الموقف‬
                             ‫‪..‬‬                                                            ‫الموقف الواحد المتكرر‪ ،‬حيث‬        ‫الشعري الواحد يتقلب بين يديه‬
                     ‫بين َما الآل َه ُة‬                                                                                   ‫بجمالية معتم ًدا على أشكال مختلفة‪،‬‬
  ‫اُيل َِذج ِّفيُفوك َان َنأ ْ َعي ْسضتا َءِحاُّمل ِفمر َعَعإْوَل ِِهن ال َّش ْم ِس‬  ‫يحرص على إبداع الصور الشعرية‬              ‫ومشك ًل بذلك علاقات جديدة‬
                ‫كا َن عا َّم ُة ال َّش ْع ِب‬                                             ‫المتقابلة مستخد ًما في ذلك حالة‬      ‫ومتنوعة‪ ،‬ومنها علاقة الرجال‬
                   ‫و ُق ْطعا ُن الإ َل ِه‬                                                                                   ‫بالموز‪ ،‬والجمع بينهما‪ ،‬والتقريب‬
       ‫ُم ْل ِقي َن ملا ِب ِسه ْم‪( ..‬ص‪)51‬‬                                             ‫التقابل بين مفهومين متنافرين في‬     ‫فيما بينهما‪ ،‬فيتردد حضور الرجال‬
    ‫هنا نجد ذلك الانتظام الإيقاعي‬                                                      ‫الصوت والرسم باختيار عناوين‬          ‫والموز م ًعا مرات كثيرة في مقطع‬
     ‫الذي يعتمد خصيصة التكرار‬                                                          ‫تحمل هذا التقابل «الرجال قشور‬         ‫من قصيدة « ُت َو ْي ٌج»‪ ،‬حيث يقول‬
     ‫من أجل بناء دلالية القصيدة‪،‬‬
 ‫ومن أجل أن يكون اتجاه الخطاب‬                                                              ‫موز» و»الموز قشور رجال»‪.‬‬                                 ‫فيها‪:‬‬
    ‫الشعري نحو موضوع مكتمل‬                                                              ‫وهنا نلفي الشاعر يقدم للمتلقي‬                    ‫الم ْو ُز ُق ُشو ُر ر َجا ٍل‬
  ‫التصور والبناء‪ .‬فالدوال لا تلبث‬                                                     ‫إشارات معينة إلى طبيعة أسلوبية‬                    ‫ال ِّرجا ُل ُقشو ُر َم ْو ٍز‬
   ‫أن ترجع في مقاطع القصيدة إلى‬                                                        ‫متداخلة لتقديم المعاني المتعاكسة‬              ‫الم ْو ُز ر َجا ٌل م ْق ُشورو َن‬
‫ذات العناصر المشكلة لنقطة انطلاق‬                                                      ‫والدلالات المتقابلة‪ .‬هذه الإشارات‬                ‫الر َجا ُل م ْو ٌز م ْقشو ٌر‬
 ‫الصور الشعرية المتخيلة للقصيدة‬                                                        ‫كانت وسيلة لكسر قاعدة المعنى‬       ‫ااالرللَم ُقَِّر ْجاسجش ٌُالخو‪ُ،‬لُار‪:‬ل َرَّمض ْجْوسائٌٌخل ُّي ل ُضق ْوشِئوٌّي ِرلاُقلم ْوش ِزو‪ِ ،‬ر ال َمو ِز‬
                                                                                                                             ‫الر َجا ُل‪ ،‬ال َم ْو ُز‪ ،‬ال ُق ُشو ُر‪ ،‬ال َّضو ُء‪:‬‬
                                                                                          ‫المتعارف عليه والمدرك ليخرج‬
                                                                                       ‫من المجالات الضيقة التي تقدمها‬                      ‫َم ْس ٌخ‪( .‬ص‪)12‬‬
                                                                                     ‫المعاني المتراكمة‪ ،‬ولذلك فقد تمكنت‬
                                                                                       ‫من خلق علاقات جديدة بين هذه‬

                                                                                         ‫المعاني لتحقيق الذوق الشعري‬
                                                                                          ‫والإبداعي في دلالته القصوى‬
                                                                                            ‫وسطوره الشعرية الجميلة‪.‬‬
   269   270   271   272   273   274   275   276   277   278   279