Page 272 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 272

‫العـدد ‪30‬‬                          ‫‪270‬‬

                                      ‫يونيو ‪٢٠٢1‬‬

‫التكرار الدلالي والمعجمي في‬

‫ديوان “تفسر أعضاءها للوقت”‬
                                                            ‫عزيز العرباوي‬
      ‫(المغرب) للشاعر وليد علاء الدين‬

     ‫منسوبة بصياغة لغوية رائعة‬        ‫الحياة والجمال والتفوق والرغبة في‬    ‫إن الوقفة المتأملة في اختراقات‬
      ‫تحيل إلى عالم خاص ورؤى‬          ‫السلام والتعايش الإنساني المتجلي‬
‫متحولة للعالم والأشياء دون فقدان‬                                            ‫المعنى في شعر وليد علاء الدين‬
   ‫المعنى وحيرة القارئ في تأويلها‬          ‫في سياقات الرقي والتسامي‪.‬‬      ‫وفي تمثيلات الوجود المفعم بالنور‬
    ‫وتفسيرها‪ ،‬وبالتالي القدرة على‬        ‫ويظل العشق الكبير للشعر عند‬
‫الفهم البسيط لهذه الرؤى الرمزية‪.‬‬         ‫شاعرنا بمنزلة الدم الذي يجري‬       ‫والوضوح‪ ،‬يمكن من خلالها أن‬
 ‫والشاعر المتميز هو الذي يستطيع‬                                                ‫نتصور الجمل المكثفة في هذا‬
 ‫أن يطلق إشاراته الفكرية والأدبية‬          ‫في عروقه وأوردته‪ ،‬فلا رغبة‬
‫بتقنية متقدمة في الإبداع الشعري‪،‬‬         ‫في الحياة‪ ،‬دون أن يكون الشعر‬    ‫الشعر‪ ،‬مثل النوتات الموسيقية التي‬
  ‫ويخطط لقصيدته شكلها الخاص‬               ‫من عناصرها‪ ،‬والتخلي عن هذا‬     ‫يبدعها الموسيقي ضمن إيقاع معين‬
 ‫مع بعض التجديد في الإطار العام‬          ‫العنصر صعب ومستحيل‪ .‬وهذا‬        ‫ومحدد‪ ،‬والتي تحقق غاية الإنشاد‬
‫لهذه القصيدة ولتقنياتها وأسلوبها‬      ‫العشق يتجلى من خلال ذلك التوغل‬     ‫والنغم‪ ،‬فتقود في النهاية إلى تحقيق‬
                                       ‫الحميمي في عوالم القصيدة‪ ،‬وذلك‬
         ‫ودرجات بنائها الخاص‪.‬‬                                              ‫نوع من التعبير الجميل والراقي‬
  ‫يحس وليد علاء الدين بقصيدته‬              ‫العنفوان الواضح في تجلياتها‬         ‫والسليم الإبداعي‪ .‬فتفاصيل‬
                                         ‫المتعددة‪ .‬فهذا العشق هو المحرك‬
      ‫ويستغرق في موضوعها‪ ،‬بل‬                                                ‫هذا الإيقاع متطابقة مع المشاهد‬
   ‫ينصهر انصهار العاشق المتفجر‬                ‫الحقيقي للإبداع الشعري‪،‬‬       ‫الشعرية والتي تحتاج إلى تم ُّعن‬
   ‫أد ًبا وإبدا ًعا‪ ،‬فيستوعب اللقطات‬  ‫والصانع للغة الشعرية الراقية التي‬  ‫واضح ومركز للمعنى يتقابل دلاليًّا‬
  ‫الشعرية ذات الجمالية الواضحة‬                                               ‫مع لغة الشاعر المفعمة بالهدوء‬
                                         ‫تجعل لكل قصيدة دلالة ومعنًى‬
     ‫ليتمثلها في حياته وفي تعبيره‬      ‫ساميًا‪ .‬فالشاعر يعيش في شعره‪،‬‬                   ‫والسكينة والكثافة‪.‬‬
      ‫الأدبي والشعري بلغة سهلة‬        ‫ويسكن داخل قصيدته فيرتكب كل‬         ‫وتظل قراءة شعر وليد علاء الدين‬
‫وسلسة قريبة من القارئ‪ .‬كل هذه‬          ‫ألوان العشق ويمارس ألوان الحب‬     ‫قراءة ممتعة لمن يظن أن قبح العالم‬
‫الأمور ‪-‬بطريقة أو بأخرى‪ -‬تشير‬
 ‫إلى ارتكاز قوي وصلب على ثقافة‬           ‫معها‪ ،‬فتتغذى القصيدة من هذا‬         ‫وظلاميته تطفئ جذوة الجمال‬
‫أدبية وشعرية مرتبطة في حدودها‬            ‫الحب وتصير في مستوى التلقي‬          ‫والروعة‪ ،‬وتخمد نيران السلام‬
  ‫القصوى بثقافة التذوق الشعري‬                                              ‫والحب والحياة الدافئة‪ .‬فالقارئ‪،‬‬
                                                      ‫الجميل والراقي‪.‬‬     ‫مع شعره‪ ،‬ينحاز غالبًا‪ ،‬إن لم نقل‬
       ‫والرغبة في التفرد والتميز‪.‬‬       ‫إن الشعر الجميل هو ذلك الشعر‬       ‫دائ ًما‪ ،‬نحو العالم المنير والمضيء‬
                                                                          ‫والقريب من نور الشمس وضياء‬
                                             ‫الذي يصلح أن يكون رم ًزا‬        ‫القمر في واقعنا الحقيقي‪ .‬وهنا‬
                                           ‫من الرموز المتصفة بالإدهاش‬      ‫يتجلى ذلك الإبداع المفعم بحيوية‬
                                       ‫والغرابة‪ ،‬ولقطات مشهدية متخيلة‬
   267   268   269   270   271   272   273   274   275   276   277