Page 273 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 273
271 ثقافات وفنون
كتب
للجمال أسرعها إلى نفوسنا ما فيه هذا الجانب لا يمكن فهمه وإدراكه مفهوم التكرار
من جرس الألفاظ وانسجام توالي إلا من خلال دراسة التكرار الذي
المقاطع وتردد بعضها بقدر معين إن التكرار متمثل بشكل ثنائي
يحمل في ثناياه دلالات نفسية في تناوب الليل والنهار بشروق
وكل هذا ما نسميه بموسيقى وانفعالية مختلفة تفرضها طبيعة الشمس وغروبها ،وفي تكرار أوجه
الشعر .وقد أشار إلى هذا الناقد القمر ،وفي تعاقب أوجه القمر م ًّدا
ريتشاردز بقوله «فالإيقاع يعتمد السياق في القصيدة الشعرية، وجز ًرا ،وبشكل رباعي في تعاقب
-كما يعتمد على الوزن الذي هو والتكرار يمثل إحدى الأدوات فصول السنة الأربعة .فالتكرار إذن
صورته الخاصة -على التكرار والوسائل الفنية والجمالية التي في كل مكان وعلى جميع المستويات
تساعد على فهم مشهد ،صورة أو حيث تسلك الطبيعة مسل ًكا متم ِّو ًجا
والتوقع» (فان ديك ،النص موقف ما في القصيدة الشعرية تعود من حيث بدأت في حلقات أو
والسياق ،استقصاء البحث في التي تتم قراءتها من هذا الجانب دورات تتشابه بدرجات متفاوتة
الخطاب الدلالي والتداولي ،ترجمة (المصدر :النقد الجمالي وأثره في
عبد القادر قنيني ،المغرب ،أفريقيا بالذات.. النقد الغربي ،1971 :ص )28ولهذا
الشرق ،)2000 ،وأشارت نازك وما يمكن ملاحظته هو أن ظاهرة يمكن القول إن التكرار واحد من
الملائكة إلى هذه الظاهرة في الشعر التكرار في الشعر العربي تتأسس أهم القوانين التي تنظم الفعاليات
العربي ،وبينت أن التكرار في ذاته على أشكال مختلفة متنوعة بحيث الحيوية المختلفة لجسم الإنسان.
ليس جما ًل يضاف إلى القصيدة
وإنما هو كسائر الأساليب في كونه أنها تبدأ من الحرف وتمتد إلى وما يمكن التأكيد عليه هو أن
يحتاج إلى أن يجيء في مكانه من الكلمة والعبارة وبيت الشعر للتكرار علاقة وثيقة بعلم النحو،
القصيدة وأن تلمسه يد الشاعر وكل شكل من هذه الأشكال
تلك اللمسة السحرية التي تبعث يعمل على إبراز جانب تأثيري ذلك أنه واحد من أهم صور
الحياة في الكلمات ،لأنه يمتلك التوكيد في اللغة العربية ،ودرس
طبيعة خادعة ،فهو على سهولته خاص للتكرار .وتجدر الإشارة التوكيد ضمن مباحث النحو كما
إلى أن الجانب الإيقاعي في الشعر
وقدرته في إحداث موسيقي قائم على التكرار .إن هذا التكرار هو معلوم ،وبما أن الدراسات
يستطيع أن يضلل الشاعر ويوقعه الأولى التي تناولت القرآن الكريم
في مزلق تعبيري ،فهو يحتوي على المتماثل أو المتساوي يخلق ج ًّوا اهتمت بنحوه وإعرابه ،فيبدو من
إمكانيات تعبيرية تغني المعنى إذا موسيقيًّا متناس ًقا ،فالإيقاع ما الطبيعي أن تكون الإشارات الأولى
هو إلا أصوات مكررة ،وهذه للتكرار قد وردت في كتب النحو
استطاع الشاعر أن يسيطر عليه الأصوات المكررة تثير في النفس
ويستخدمه في موضعه وإلا فإنه انفعا ًل ما «وللشعر نواح عدة مثل كتاب سيبويه الذي اعتبره
يتحول إلى مجرد تكرارات لفظية مسألة توكيد وتأكيد للمعنى في حد
مبتذلة ،كما أشارت إلى أنواع ذاته.
التكرار وحصرتها في تكرار الكلمة ومن هنا فإن التكرار لا يقوم فقط
والعبارة والمقطع والحرف ،وترى على مجرد تكرار اللفظ أو العبارة
أن أبسط أنواع التكرار هو تكرار
في السياق ،بل هو ما
كلمة واحدة في أول كل بيت من يتركه هذا اللفظ من أثر
مجموعة أبيات متتالية في قصيدة، انفعالي في نفس المتلقي
وهو لون شائع في شعرنا المعاصر،
كما يرى العديد من
يلجأ إليه صغار الشعراء ،ولا الباحثين العرب ،وبذلك
يعطيه الأصالة والجمال إلا شاعر يعكس جانبًا من الموقف
النفسي والانفعالي ،ومثل
موهوب حاذق يدرك أن المعول
وليد علاء الدين