Page 101 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 101
نون النسوة 9 9
فقط أنها جميلة مرغوبة من الرجال.
وفي ليلة مرت عبلة من الشارع فلاحظت امرأة
خرقاء من نساء القرية ارتفاع بطنها ،جمعت النساء
على عتبة بيتها ،أخبرتهم بما رأته ،استمر الخوض
في سيرتها لأسابيع ،الكل يقول إن عبلة «حامل» في
الحرام ،ولا يعرفون من هو الأب.
لم يسأل أحد عن حقيقة هذا الكلام ،حتى الرجال
مع الوقت ومع وسوسة زوجاتهم باتوا يصدقون
هذا الحديث ،توجهت الأعين إلى بطن عبلة في كل
مساء عندما تعود من عملها ،حتى صرخت فيهم
امرأة يو ًما قائلة:
خلصونا من هذا العار ،اقتلوها وادفنوها.
وفي هذا النهار الذي كانت ذاهبة فيه إلى العمل
اجتمع أهل القرية حولها ،وجهوا لها التهم ،س ُّبوها،
لعنوها ،ظلت الفتاة تبكي والاتهامات تتكاثر حولها،
والأصوات تخنقها ،لم يسمح لها أحد أن تنطق
بكلمة واحدة ،استمر نحيبها ،وعلت الشماتة وجوه
النساء.
قذفها النساء بأحذيتهن ،وألقى الرجال عليها الطوب
والحجارة ،ظلت الفتاة تدمى وتبكي بعد أن سقطت
أر ًضا ،حاولت الهرب دون جدوى ،واستمر الرجم
حتى فاضت روحها إلى بارئها.
وقتها تعالت زغاريد النساء ،واجت َّزت امرأ ٌة شعرها
الطويل بمقص حا ٍّد وألقت به بعي ًدا ،وحزن الرجال
على هذا الجسد الناعم ،حتى أن واح ًدا منهم قال
متحس ًرا:
«والله خسارة في الموت يا عبلة».
نظرت له زوجته زجرة وح َّمرت له عينيها فارتعش
خو ًفا ،فصرخت المرأة فيهم:
ادفنوها دون صلاة عليها فالفاجرة لا تستحق
شيئًا.
ووارى التراب جسد عبلة ،وجاء المساء ليخرج
الرجال والنساء في الشوارع صارخين إنهم يرون
وجه عبلة أمامهم ولا ينامون.
ظل النساء يبكين وتولولن يو ًما بعد يوم وليلة بعد
ليلة ،وفقد الرجال الأمل في النوم الذي جافاهم،
وعرف البعض منهم ما حدث ،فالحقيقة واضحة.
«الله ينتقم لعبلة ..لن نعرف طعم الراحة».
عاد المجذوب يهتف ،والناس تمشي وسيقانها