Page 98 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 98
العـدد 29 96
مايو ٢٠٢1
في قصص المجموعة ،نرى التركيز المباشر من الكاتبة لصورة الحب المرآوية /الثابتة والمثالية في لحظة
على الأمراض الاجتماعية التي يشكل العمق الذكوري، زمنية ما ،دون النظر لحتمية التغير نتيجة تطور
الحياة وتعقيدات المشاعر الإنسانية وتعريفها للحب
جز ًءا أساسيًّا من تركيبتها المشوهة ،تريد الكاتبة ومقاييس الجمال وغيرها من المشاعر الإنسانية التي
من خلالها فضح تلك الممارسات ،التي تترك آثا ًرا
نفسية عميقة داخل المرأة ،وربما تخلق داخلها كراهية تخضع لطبيعة التطور الزمني.
للمجتمع ،ورف ًضا له ،واغترا ًبا عنه ،وتلك القصص، في القصة الثانية التي تعبر عن نمط «المرآة الكاشفة»
تعكس أي ًضا عجز المرأة عن مقاومة تلك الممارسات لرصد التحولات في بنية الشخصية ،داخل السياقات
ضدها ،ووقوفها في ضعف إزاء ما يمارس عليها من
ضغط ،و تعكس أي ًضا الانحيازات الذكورية ،التي الاجتماعية المختلفة ،قصة «تفاحة آدم» التي تعتبر
تسبب عدم قدرة المرأة على المقاومة لتغيير تلك البني من أنجح قصص المجموعة في رصد عميق وعاطفي
للحياة الإنسانية ،وتبدلات الرؤية ،تستخدم الكاتبة
المضادة للمرأة.
في قصة «المشوه» نرى كيف تتعرض البطلة للتحرش، دوا ًل مميزة للتيمة الدينية ،وصفها لثنائية الحياة
والخطيئة ،وكيف تلعب دالة «التفاحة» دورها في
من شخص ركب معها الميكروباص ،ورغم أنها الكشف عن مدلولات التغيير الجذري ،الذي حدث بين
أدركت طبيعة التحرش بها ،إلا أنها في البداية شعرت حياتين ،قبل وبعد ،فبينما في البداية نرى شهية البطل
بأنها مخطئة في تفسير ما حدث ،ولكنها حين تأكدت للتفاح ،الذي يأتي به صديقه «آدم» في المدرسة ،وهو
طفل صغير يحاول الوصول لتلك التفاحة والتهامها،
من الواقعة خلال نظرتها لوجهه مبتس ًما في شعور رغم تحذيرات أبيه ،الذي ينبهه دائ ًما لعزة النفس،
بالانتصار أنه فاز بجسدها غيرت من شعورها ويروي له قصة خروج آدم من الجنة بسبب أكله
«للتفاحة المحرمة» ولكنه في مرة يأخذ منه تفاحة،
بالشك ،وتحول إلى غضب عميق ،وإحساس بالندم ويحتفظ بها ،إلى أن تحكي له جدته في زيارتها أنه
أنها لم تصرخ وقتها لتفضحه ولينال عقابه. يو ًما ما «سيأتي الوقت الذي تشتري فيه لوالديك
في النهاية ،تضعنا الكاتبة في مواجهة مع الذات، تفا ًحا ،فهما لا يقدران على شرائه».
تعكس المرآة تناقضاتنا وأخطاءنا التي نمارسها هنا تأتي الصدمة الاجتماعية /الوجودية ،التي تعبر
بشكل يومي ،وربما تتعمد أن تترك رؤية الحقائق عن مغزى موقف الأب والأم ،من عدم شرائهما التفاح
معكوسة عبر نصف مرآة ،لا يقين مطلق ،وكل يفسر لابنهما الصغير ،وكيف يلعب الفقر الاجتماعي دو ًرا
العالم عبر منظور مختلف عن الآخر ،تنجح في فضح في تنمية مشاعر الاحتياج لدي الأطفال ،وشعورهم
الانحيازات الذكورية بأسلوب سلس ،وبسرد لا بالاغتراب عن المجتمع ،وكيف يكون الجمع بين تلك
يعتمد نم ًطا بلاغيًّا استعار ًّيا ،لا مجال هنا للفلسفة التناقضات عبر استخدام الدوال الدينية بمحمولاتها
اللغوية واستثمار البني المعرفية تاريخيًّا واجتماعيًّا،
لأنها لا تريد لخطابها السردي الوقوع في مساحة المعرفية ،وتكثيفها في الذاكرة الجمعية ،لمشاعر
التعدد الدلالي ،وتنوع التفسيرات ،ودون أن تقع في الشعور بالخطيئة والضعف البشري ،وعجزه عن
فخ التقريرية المباشرة ،ودون أن تنبني أيديولوجية
نسوية متطرفة بما يجعلها في صراع جندري مع مقاومة شهوته للمغريات الخارجية.
الرجل فقط من أجل الصراع ،بل تحاول خلخلة
المفاهيم الذكورية والأبوية التي ترسخت في المجتمع تشوهات المرآة /أمراض الواقع وفساد
نتيجة عوامل تاريخية واجتماعية منذ آلاف السنين البنية الاجتماعية