Page 99 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 99

‫نون النسوة ‪9 7‬‬

                                         ‫هويدا أبو سمك‬

              ‫المرآة والقرية الملعونة‬

   ‫ويخشى أهل القرية الثانية من سخط الله عليهم‬                 ‫‪ -1‬القرية الملعونة‬
                        ‫فيطردونهم من رحمتهم‪.‬‬
                                                       ‫«رأيت عبلة اليوم تطير فوق سماء القرية»!‬
    ‫«عبلة كانت ترفرف مثل الملائكة بثوب أبيض»‪.‬‬
    ‫عاد المجذوب يهتف عاليًا‪ .‬كان صوته هذه المرة‬      ‫صرخ الرجل المجذوب عاليًا وهو يدور بين أرجاء‬
                                                       ‫القرية ويلف كل شوارعها‪ ،‬لم يصدقه أحد وهو‬
                   ‫أعلى‪ ،‬ينادي الناس ليصدقونه‪.‬‬          ‫يحكي عن عبلة التي رآها تطير في سماء القرية‬
  ‫«عبلة حية ترانا‪ ،‬تنظر إلينا من السماء وتضحك‬
  ‫فرحة‪ ،‬ثأر الله لها منَّا‪ ،‬أصبحنا مثل الوباء نمشي‬  ‫فج ًرا‪ .‬كان يرتدي جلبا ًبا قصي ًرا ممز ًقا يكاد يكشف‬
                                                         ‫عن عورته‪ ،‬شعره ملفوف لم يمسه مشط منذ‬
       ‫سكارى ولا نموت أب ًدا‪ .‬ليتنا نموت جمي ًعا»‪.‬‬
 ‫عبلة فتاة جميلة عاشت في القرية سنوات طفولتها‬        ‫شهور‪ .‬ما يقوله مستحيل إلا لو كان حل ًما‪ ،‬والحلم‬
   ‫وشبابها‪ ،‬عملت ممرضة بعد تخرجها من المعهد‪،‬‬                         ‫بات بعي ًدا عن قرية لا ينام أهلها‪.‬‬

    ‫كانت شديدة الحسن‪ ،‬يتقرب إليها رجال القرية‬           ‫منذ شهور والقرية لا تنام‪ ،‬يجتمعون كل مساء‬
    ‫طالبين ودها دون فائدة‪ ،‬وكان النساء يشتعلن‬          ‫للدعاء لرفع اللعنة عنهم بلا فائدة‪ ،‬تبكي النساء‬
                                                        ‫ويحترق الرجال عج ًزا يناشدون ربهم من أجل‬
                                     ‫غيرة منها‪.‬‬      ‫ساعة نوم بل نصف ساعة‪ .‬ولكن غضب الله وقع‬
   ‫حتى الرجال المتزوجون طلبوا الزواج منها دون‬        ‫عليهم‪ ،‬فاللعنة فردت أذرعها في كل البيوت‪ ،‬فباتت‬
  ‫رجاء‪ ،‬فالفتاة كان لها خطط أخرى‪ ،‬ولم تحب أب ًدا‬
   ‫أن تكون الزوجة الثانية‪ ،‬اجتمع النساء للتخلص‬                  ‫القرية الظالم أهلها ملعونة من السماء‪.‬‬
 ‫منها‪ ،‬ذهبت واحدة لدجال ليحرقها بعمل لا يخيب‪،‬‬              ‫لأسابيع طويلة يجتمع الأهالي لي ًل يجربون‬
 ‫ولكن الخطة لم تنجح‪ ،‬فالفتاة قريبة من ربها تحبه‬       ‫وصفات كثيرة للنوم‪ ،‬نفذت الأقراص المنومة من‬
‫ويحبها‪ ،‬كان النور ينبعث من وجهها‪ ،‬تحب العجائز‬        ‫صيدليات القرى المجاورة‪ ،‬انتقل بعض الأهالي إلى‬
‫وتساعد المرضى‪ ،‬ولم تفكر يو ًما في أذية أحد‪ ،‬ذنبها‬    ‫قرية أخرى ليتخلصوا من لعنتهم فتطاردهم إليها‪،‬‬
   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104