Page 96 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 96

‫العـدد ‪29‬‬  ‫‪94‬‬

‫مايو ‪٢٠٢1‬‬

 ‫إلى كلية أعالي البحار‪ ،‬لأنها لا تفهم ما يقوله‪ ،‬وتشك‬
 ‫في أن يكون هو نفسه يفهم‪ ،‬شاربه الذي يملأ وجهه‬

   ‫لا يجعل الصوت يصل إليها‪ ،‬أو إلى أي واحدة من‬
‫زميلاتها بشكل متناسق‪ ،‬كما أنه ينشغل بالنظر بعين‬

   ‫متحرشة قبيحة إليها وإلي غيرها‪ ،‬ولم ترتكب ذنبًا‬
  ‫لأنها جمعت البنات وقمن بضربه حتى أصيب بعدد‬

                       ‫من الكسور في كل جسده»‪.‬‬
     ‫هنا نجد رغبتها في معاقبة مدرس الكيمياء الذي‬

       ‫يمارس التحرش‪ ،‬وفي بقية القصة أي ًضا نرى‬
 ‫معاقبتها الصارمة لأفراد أسرتها من شقيقها الأكبر‪،‬‬

  ‫الذي يمارس دوره في التسلط الذكوري‪ ،‬وشقيقتها‬
   ‫الصغيرة‪ ،‬التي تجعلها تذاكر لها موادها الدراسية‪،‬‬
   ‫والجزار الذي يرفض اعطاءها اللحم «شكك» حتى‬

    ‫يتسنى لها جمع المال اللازم لشرائه‪ ،‬وغيرها من‬
   ‫الشخصيات السلبية التي تقوم بعمل محكمة ذاتية‬
   ‫لها طارحة عدالتها الخاصة التي تحقق إشباعها في‬

                                  ‫تحقيق العقاب‪.‬‬
     ‫أما في قصتها «زائر الليل» فهي تأخذنا في رحلة‬
  ‫سردية للتوغل داخل سردابها المعتم‪ ،‬تتجلى رغبتها‬
‫في التخلص من شبح «الموت» الذي عايشته في تجربة‬
      ‫روحية مؤلمة‪ ،‬تبدو وكأنها محاولة لفهم حكمة‬
    ‫الموت المغلقة‪ ،‬التي تحتاج لفك شفرتها عبر تقديم‬
  ‫قربان له‪ ،‬ربما قربان الجسد فقط الذي يشبع رغبة‬
 ‫الموت الأزلية في التشبع‪ ،‬ولكن القصة هنا أتاحت لنا‬
 ‫معايشة السكن داخل ضلوع الموت لزمن مؤقت‪ ،‬تلك‬
  ‫التجربة الروحية‪ /‬الجسدية التي تشبه استسلامنا‬
   ‫العميق‪ ،‬لنري كيف يسحب الموت أنفاسنا الأخيرة‬
     ‫من رئاتنا الهشة‪ ،‬أفاضت في التساؤل عن معني‬
   ‫الحياة نفسها‪ ،‬معني الانتماء لعالم صغير‪ ،‬ربما لم‬
‫نكتشف بعد كل تفاصيله المدهشة‪ ،‬علاقاتنا بالآخرين‪،‬‬
   ‫وكيف أنه يمكننا أن نعيش الحياة بشروط أفضل‪،‬‬
   ‫معايشة الموت تنير لنا الظلام الذي يكتنف أرواحنا‬
‫المعتمة‪ ،‬الضالة‪ ،‬المحبوسة داخل آثامها الفاسدة‪ ،‬ربما‬
   ‫هي الشرخ‪ ،‬الذي سيسمح لنا بكسر جدار القسوة‬
    ‫والكراهية‪ ،‬والعيش مع الآخرين‪ ،‬في جنة نستطيع‬

                          ‫خلقها ولو بحياة مؤقتة‪:‬‬
‫«لا فرار‪ ،‬لا فرار‪ ..‬لم يخبرني أحد ماهو الموت‪ ..‬كيف‬

   ‫نموت؟! وإلي أين نذهب؟! فربما تكون رحلة ممتعة‬
    ‫تروقني أكثر من حياتي هنا‪ ..‬لا لا‪ ،‬أعطني يا الله‬
   91   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101