Page 93 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 93

‫نون النسوة ‪9 1‬‬

                                                           ‫عبد الغفار العوضي‬

                  ‫آليات الخطاب النسوي‬
‫ومفارقة التحولات في قصص «نصف مرآة»‬

                              ‫السلطة وتوحشها‪.‬‬                  ‫في مجموعتها القصصية «نصف مرآة» تسير‬
 ‫ولمعرفة لماذا انحازت هويدا أبو سمك‪ ،‬لكتابة القصة‬
                                                             ‫هويدا أبو سمك على درب الواقعية في تناول السرد‬
    ‫بهذا الأسلوب الواقعى «النسوي» والذي ربما لم‬                 ‫القصصي‪ ،‬في موازاة مع كتابة القصة القصيرة‬
  ‫يكن مقصو ًدا الكتابة بهذا الشكل المباشر تعبي ًرا عن‬
‫قضايا «نسوية» محددة‪ ،‬متبنية خطاباتها ومضامينها‬              ‫عند أجيال نجيب محفوظ‪ ،‬ويوسف إدريس‪ ،‬ويحيى‬
  ‫الاجتماعية والثقافية‪ ،‬ولكن هل يمكن الربط بين أن‬              ‫الطاهر عبد الله‪ ،‬ومحمد البساطي‪ ،‬وغيرهم ممن‬
                                                                 ‫تناولوا الواقع الاجتماعي والسياسي والديني‪،‬‬
    ‫تكتب «امرأة « ن ًّصا ما ليتم التعامل معه مباشرة‬                ‫من خلال منظورات مختلفة‪ ،‬ولكنها تتفق في‬
  ‫باعتباره «خطا ًبا أدبيًّا نسو ًّيا»؟‪ ،‬هذا الجدل المحتدم‬        ‫آليات الكتابة‪ ،‬التي تستمد معجمها اللغوي من‬
  ‫لا يزال يتخذ مسارات مختلفة في البحث والمناقشة‪،‬‬                ‫البيئة الاجتماعية‪ ،‬وحواضنها الثقافية والدينية‬
  ‫ولعل أهم الأسباب‪ ،‬هو التطور المفاهيمي للخطابات‬                                          ‫والأنثروبولوجية‪.‬‬
‫النسوية‪ ،‬وسيطرتها على الرؤى الأدبية لدى الكاتبات‪،‬‬
                                                           ‫ربما تتفق آليات تطور السرد القصصي ومضامينه‪،‬‬
                       ‫سواء في مصر أو خارجها‪.‬‬                      ‫مع التطور الشعري‪ ،‬وانتشار قصيدة النثر‪،‬‬
   ‫نلمح تمظهرات الخطاب النسوي لدي كتابة المرأة‪،‬‬
                                                              ‫وانحيازها إلى الجوانب الذاتية‪ ،‬وبعدها عن تناول‬
     ‫نتيجة بروز القضايا الاجتماعية والثقافية‪ ،‬التي‬           ‫الواقع الاجتماعي بواقعيته المباشرة والفجة‪ ،‬وذلك‬
    ‫تحاول إجراء تغييرات ثورية في بنية المجتمعات‪،‬‬
   ‫وتأسيس رؤية جديدة تعيد تعريف «المرأة» ككائن‬                  ‫إثر التطورات البنيوية التي حدثت في المجتمعات‬
    ‫مستقل عن مفهوم الدائرة الذكورية‪ ،‬التي تحتكر‬               ‫المعاصرة‪ ،‬نتيجة التطور الرأسمالي‪ ،‬وبزوغ عصر‬
  ‫رؤية المجتمع وتفسيره‪ ،‬وأي ًضا سيطرته على آليات‬            ‫ما بعد الحداثة‪ ،‬وظهور الفنون الجديدة‪ ،‬التي تنحاز‬
‫الإنتاج الاقتصادي والسياسي‪ ،‬هذا التحول البنيوي‪،‬‬               ‫جماليًّا لآليات مغايرة عن فنون الحداثة‪ ،‬هذا الميل‬
    ‫جاء نتيجة التغيرات الكبيرة في تنظيم قوة العمل‪،‬‬          ‫إلى الكتابة الذاتية‪ ،‬واستبصار العالم من خلال مرآة‬
   ‫ودخول المرأة بقوتها الإنتاجية الكبيرة في السوق‪،‬‬         ‫الذات‪ ،‬ورؤية المجتمعات الحديثة‪ ،‬من خلال انعكاسها‬
                                                           ‫على مفاهيم تشتت الذات‪ ،‬وتفتتها وخضوعها لابتزاز‬
   88   89   90   91   92   93   94   95   96   97   98