Page 90 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 90
العـدد 29 88
مايو ٢٠٢1
ولربما تكون الحقيقة البائسة هي أنه لا شيء يحدد إلى تحديد «هوية» المرأة بعي ًدا عن وسائط التحديد
ما للرجل (ولو كان ن ًّصا ادبيًّا جمي ًل) إلا أشياء الرجالية بعسر الأمر .فالعملية تكاد تكون مستحيلة
المرأة. لأن أدوات النظر والتمحيص والدرس كلها مدنسة
يروقك في نصوص هويدا القصصية غياب وجهة
النظر النسائية عن كثير من النصوص .رغم بالرجل وذكوريته الطاغية.
عودتها إلى الظهور مرا ًرا كما في نص «أمي» من هذه الزاوية تحدي ًدا أرى بضرورة تقليب
و»المقبّلات» أو «محكمة» و»صفعة قلب».. صفحات كتب النساء ،رغم تحفظي الشديد من
مما يرد في قصة «أمي» صورة الحيرة التي تلم الناحية المنهجية على التقسيم الكلاسيكي إلى أدب
نسائي وآخر رجالي أو لست أدري كيف نحدده؛
بالبنت التي هي شابة متعلمة ناجحة« ..صورة أمي بسبب أن الرجل في عنجهيته الوجودية قد انشغل
التي تجمعنا م ًعا تظهر جريمتي ،عيناها الجميلتان بتحديد أطر لأدب المرأة فتناسى تحديد أشيائه هو،
انطفأتا من السهر على راحتي والاهتمام بشئوني
الخاصة .لقد تفوقت والتحقت بكلية الطب على
حساب أمي التي كانت فرحة .وتقول إنها رسالتها،
وأنا ظللت أسال نفسي كيف تكون رسالتها في
حياة غيرها؟!»( .ص )21 /20ولكن البنت المطمئنة
إلى حياتها تتعثر بأنوثتها المطمئنة إلى محددات
عالمها بظهور زائر جديد لا قبل لها به« :منذ يومين
دخلت عليها حجرتها وأنا أتساءل ما الذي جعلها
تتأخر عن تجهيز الطعام ،ظللت أنادي ،لم ترد؛
ارتبت لأمرها ودخلت لأهزها بهدوء فلم تتحرك،
كانت على موعد مع الموت الذي دخل بيتنا دون
رأفة واختطفها مني ليريحها ويسبب لي العذاب
الأبدي»( .ص)22
وتأتي الخلاصة النسوية بامتياز كأنها نتاج
سريان ماء السرد لا نتاج تأمل فلسفي أو
اجتماعي« :ولكن هل سأبخل عليها بالراحة
الآن؟ أليس من حق المرأة التي لم تختر قدرها
طوال حياتها أن تعيش الآن بهدوء دون
تدخل مني ودون أنانيتي التي سببت لها
الهزال؟!»( .ص)22
وإذا كنت شخصيًّا معجبًا ج ًّدا بقصص
المرأة التي لا تعلي راية الهاجس النسوي
لأنها ساعتها تكون أقرب إلى «روح
كونية» أحبها شخصيًّا في الكتب؛ روح
لا هي شرقية ولا غربية ،روح لا تقف
عند التفاصيل البسيطة السطحية الهامشية
للتقسيم رجل /امرأة ،فإنني أقف بكثير من
الاستمتاع على حواف قصص «نسوية»
الطابع كما هي الحال مع تصوير الخيانة