Page 85 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 85
83 إبداع ومبدعون
قصــة
-عند الضحى: منذ زمن .أخبرني الرجل أن أنتظره فلا بد أن يمر
من هذا الشارع في أي وقت .بدأت الدنيا تظلم شيئًا
دخلت من الشرفة .ارتميت على السرير .لم أعرف فشيئًا ،وكلما سقطت بقعة من الظلام اختفى معها
كيف رحت في النوم برغم الضوء الذي يحتل
معلم من معالم البيوت .مضى وقت طويل قبل أن
الغرفة .كنت أجلس في مكان بهيج ،تملؤه ضجة يمر أي شخص ،حتى مر صديقي الذي انتظرته.
كرنفالية .رحت أتمشى على مهل لأتفقد المكان
كان يضع رقعة على عينه اليمنى ،ويبكي بعينه
من حولي .حتى رأيته .كان يمشي متخب ًطا ،وهو اليسرى .يبكي دمو ًعا فقط دون أي صوت .وقف
يردد كلمة غير مفهومة .ناديت عليه .لم يرد .تبعته أمامي ،لكنه لم يتعرف عليَّ .توقف عن البكاء .أدخل
بسرعة .دخل دكانة صغيرة .دخلت وراءه فانتبه إصبعه في أذنه وظل يدعكها ،حتى شككت أنه
لي أخي ًرا .اندهش أنني ما زلت أذكره .أخرج من سيصل إلى نافخه .وجه كلامه إل َّي ،ظل يشكو لي
الخزنة في الحائط صورة لها .قال بأسى إنه رسمها حاله ،وأنه يود لو يموت .خضني ذكر الموت ،فقمت
لها منذ زمن .سألته لما غدر بنا .لم يجب .لكن كأن واقتربت منه ،سألته ألا تتذكرني .لم يجب .سألته
السؤال جننه .وضع يده في أذنه وفركها بشدة وهو
يكز على أسنانه .كان ألم أذنه يزداد ،كلما حكها. لماذا غدر بي وبها؟ صفعته المفاجأة ،وتشوهت
نزل على الأرض وظل ينقرها بعينيه كأنه يبحث عن ملامحه من الخضة .دفعني ولم يجب .مشى
شيء ما .التقط ريشة بنية .نفخ فيها ليزيل عنها
التراب .أدخلها في أذنه ببطء شديد .حتى استقرت قلي ًل حتى وقف أمام دكانة مقفولة .أمسك القفل
بأكملها داخل أذنه .أدار الريشة يمينًا ويسا ًرا ،ومع فأصدر صلصلة غريبة .خرج إليه مجموعة من
كل دورة يتنهد ،حتى سال دمه من الأذن الأخرى. البشر .تقاذفوه بينهم .انهالوا عليه ضر ًبا وهو لا
لم أحتمل منظر الدم .خرجت من الدكانة .كان العالم يقاوم .دفعه واحد منهم في الطريق فصدمته سيارة
مسرعة ،كانت تعبر كبارقة ضوء .ندت عنه آهة
مضيئًا أكثر مما تتحمله عيناي. فجرت أذني ،ثم تناثر ضوء باهت في كل مكان.
أخي ًرا فقت.