Page 81 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 81

‫‪79‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                              ‫مدمنة على قراءتها‪.‬‬  ‫والصوت كان قد ه ّز في الوقت نفسه كيان الحراس‪،‬‬
   ‫وبأمر من مجمع الآلهة‪ ،‬وعلى لسان الملك بوصفه‬     ‫فزوا من رقادهم‪ ،‬حملوا أسلحتهم وانطلقوا للبحث‬
                                                  ‫عن لوليتو‪ ،‬أو البومة والتي اختبأت منذ ذلك النهار‬
       ‫وسي ًطا بين السماء والأرض‪ ،‬كلف رجل من‬
     ‫أعظم فرسان المملكة بإلقاء القبض على لوليتو‪.‬‬       ‫خلف شجرة الصفصاف التي على نهر الفرات‪،‬‬
    ‫ومع الفجر كان قد ركب فرسه‪ ،‬وتسلح بسيقه‬             ‫شجرة بعيدة لم يستدل عليها الجنود‪ ،‬وسوف‬
   ‫وصولجانه‪ ،‬سار مع النهر من المنبع حتى وصل‬
 ‫مكان شجرة الصفصاف المذكورة أوصافها حسب‬                        ‫تجيء الليلة التي يقبض فارس عليها‪.‬‬
 ‫إفادات الشهود‪ ،‬اختبأ قرب الشجرة من أول النهار‬        ‫هذه الحادثة كانت قد أثارت الخوف عند الكهنة‬
  ‫حتى جاء الليل‪ ،‬حينها ظهرت المرأة وقبل أن تطلق‬    ‫ورجال القصر لما تشكله من تهديد مباشر للسلطة‬
   ‫صرختها‪ ،‬قفز من موضعه‪ ،‬استل سيفه وأمسك‬           ‫والدين‪ ،‬وكإجراء وقائي اخترع كاهن المعبد المكلف‬
   ‫بها‪ ،‬ربطها بالحبال وجرها على طول ضفة النهر‪،‬‬      ‫بالتعاويذ طريقة للتخفيف من شر لوليتو‪ ،‬طريقة‬
   ‫وصل المدينة‪ ،‬قادها في احتفال كبير عبر شوارع‬     ‫لحماية الأمهات الجديدات وأطفالهن الذكور بشكل‬
     ‫المدينة‪ ،‬دخل القصر وعرضها على الملك المدعوم‬     ‫خاص‪ ،‬تتلخص هذه الخطة الوقائية برسم دائرة‬
  ‫من مجمع الآلهة‪ ،‬لم يدم الأمر طوي ًل‪ ،‬صدر قرار‬    ‫حول السرير في وسطه نجمة خماسية‪ ،‬يكتب فيها‬
‫حبس لوليتو وتكليفها بالأعمال المنزلية الشاقة حتى‬  ‫أسماء ثلاثة من ملائكة الفضيلة في كل جناح‪ ،‬وآدم‬
     ‫تنسى البومة التي تصيح في داخلها‪ ،‬قال الملك‪:‬‬  ‫وحواء في جناحين‪ .‬ويوضع نحت ببعدين على شكل‬
  ‫من الواجب الأخلاقي ولحفظ مصلحة الناس‪ ،‬منع‬         ‫بومة في الأركان الأربعة للمخدع الزوجي‪ ،‬والأهم‬
 ‫وصول الرقيمات الفاسدة للنساء‪ ،‬إذ ما زال بعض‬       ‫في هذه الإجراءات هو مراقبة الأطفال الذكور أثناء‬
‫سكان المملكة يحتفظون بنسخ منها مخفية‪ ،‬المدونات‬        ‫النوم‪ ،‬فإذا ضحك أحدهم كان هذا دلي ًل على أن‬
 ‫ذاتها التي كانت قد خربت عقل لوليتو‪ .‬لكن لوليتو‬      ‫لوليتو موجودة بالقرب‪ ،‬وعلى الأبوين أن يسرعا‬
      ‫لم تتخلص رغم حبسها من سحر البومة التي‬           ‫بضرب الطفل على شفتيه بأصبع واحدة لترحل‬
    ‫في داخلها‪ ،‬فكانت تصرخ في كل ليلة لكن لا أحد‬
‫يسمعها‪ ،‬لأن مجمع الآلهة كان قد سحب صوتها إلى‬                                               ‫البومة‪.‬‬
 ‫الداخل‪ ،‬فكان مجرد موجات تتردد خلف الأضلاع‪،‬‬        ‫وكان حراس المعبد قبل أن تتسلل لوليتو إلى مبنى‬
  ‫ولا يخرج إلا على شكل أنين خافت في ليل المملكة‪.‬‬     ‫حفظ ال ُر َقم‪ ،‬قد أتلفوا كل ما لا تتوافق مادتها مع‬
                                                    ‫الشرائع التي قررها الكهنة وباركها مجمع الآلهة‬
                                                  ‫المتواصل باستمرار مع الملك‪ ،‬الرقيمات الملعونة كما‬

                                                      ‫أطلقوا عليها فيما بعد‪ ،‬والتي كانت المرأة البومة‬
   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85   86