Page 80 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 80

‫العـدد ‪29‬‬                                              ‫‪78‬‬

                                                                                                              ‫مايو ‪٢٠٢1‬‬

                  ‫زهير كريم‬

                       ‫(العراق)‬

            ‫بومة خلف الأضلاع‬

      ‫ذات يوم من خريف عام ‪ 0003‬قبل الميلاد‪.‬‬
 ‫اختبأت امرأة اسمها لوليتا خلف شجرة صفصاف‬
 ‫كثيفة على ضفاف نهر الفرات‪ .‬فكان هذا المكان نفيًا‬

   ‫لها‪ ،‬فغاشت منبوذة مطاردة‪ ،‬خائفة وقد نسجت‬
     ‫حولها الإشاعات كونها مجنونة‪ ،‬أو أنها تتصل‬
    ‫بكائنات شريرة‪ ،‬أما السبب فهو اتهامها بغواية‬
  ‫النساء كي يقلدن صوت البومة‪ ،‬والحقيقة أن هذه‬
‫التهمة كانت مجرد غلاف يغطي تهمة أصلية سوف‬

             ‫ترد تفاصيلها فيما بعد في هذا النص‪.‬‬
  ‫ولم تكن المرأة التي كان اسمها لوليتو‪ ،‬تظهر‬

    ‫إلا في الليل‪ .‬لقد حبسوها في العتمة‪ ،‬خائفة‬
       ‫من الحراس الذين يتجولون بدروعهم‬

   ‫وخناجرهم للقبض عليها‪ .‬أما بخصوص‬
‫التهمة الحقيقية هي أن هذه المرأة المتوارية‬
‫في النهار‪ ،‬كانت قد تسللت يو ًما الى المبنى‬

  ‫المخصص لحفظ ال ُر ُقم المقدسة‪ ،‬وهي‬
  ‫تعتقد ‪-‬كما صرحت قبل هروبها‪ -‬أن‬
 ‫في هذه ال ُرقم شرائع معطلة إلى جانب‬
 ‫أخرى لا يجب تدونيها والاحتفاظ بها‬

   ‫لأنها لا تتوافق مع مبدأ العدالة‪ ،‬بل‬
    ‫هي شرائع تمجد الظلم‪ .‬ومن داخل‬
 ‫المبنى‪ ،‬كانت تصيح ‪ ،‬سمعها الناس عندما‬
 ‫خرجت من المبنى صو ًتا يشبه ما يصدر عن‬
 ‫البومة ‪-‬هكذا وصفوه‪ -‬والصدى تردد إلى‬
   ‫البيوت عبر الهواء‪ ،‬سمعته نساء المملكة‪،‬‬
‫اهتزت قلوبهن‪ ،‬وغمرتهن الرغبة بمحاكاته‪،‬‬
   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84   85