Page 75 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 75
73 إبداع ومبدعون
قصــة
ودفنت أمك شبابها وجمالها لتربينا ،انتهى حقنا في -إنها ممرضة ،عارف يعني إيه ممرضة؟
الاعتراض و للأبد! أعرف يا أخي العزيز ،يعنى ملاك الرحمة في كل
البلاد إلا في بلاد ترى في التمريض مهنة سيئة
بين رغبتي في عدم إغضاب الفك المفترس -اللقب السمعة وفي الممرضة مشروع فتاة خارجة عن
السري الذي نطلقه س ًّرا على أمي -والانتصار لحبي
الأول ،أدور حول نفسي مثل فأر في المصيدة .ورطة النص ،امرأة يسهل استدراجها للفراش بكلمة
معسولة وهدية قيمة.
لا أعرف منها فكا ًكا ومأزق يعز معه الخلاص.
-ساعدني يا رب! يسخر «أصلان» من تبريري بأنها حب عمري
فمثل هذا الكلام نقرأه في الروايات التي صدعت بها
لكن ربنا لن يغير ما بي حتى أغير ما بنفسي من
ضعف وحيرة وتردد. رؤوسهم لكن أمور الحياة لها منطق آخر.
-تعال نهرب! -أي منطق؟
-واضح يا حبيبتي أنك متأثرة بأفلام الأبيض -منطق أنها أي ًضا بدوية!
والأسود! -وماذا في ذلك ،هى طالبة جامعية متفوقة ثم
أليس البدو مصريين مثلنا ،أنت نفسك تعرفت عليها
-صدقني ليس هناك حل آخر. وتعرف أكثر من غيرك أنها لا ينقصها ذراع أو ساق
-أنا لست أحمد رمزي وأن ِت لس ِت سعاد حسني!
-احسبها بالورقة والقلم ،ستجد أن هذا هو الحل وتشرف بل ًدا!
-دعك مما يقال من شائعات ،لكن الحقيقة تقتضي
الوحيد ،إلا إذا كنت غير متمسك بي! منا الاعتراف بأن هؤلاء البدو لهم حياتهم وطباعهم
-قس ًما بربي لم أحب قبلك ولن أحب بعدك وأمنيتي
المختلفة عن بقية المصريين ،وبالذات عائلة كبيرة
الوحيدة في الحياة أن تجمعنا أربعة حيطان. مثل عائلتك تملك المال والحسب والنفوذ ،ثم إنك
-كن رج ًل إذن ومن ناحيتي سأكون خ ّدامة تحت طالب هندسة وليس مسمو ًحا لك إلا بالزواج من
رجليك! طبيبة أو في أسوأ الأحوال مهندسة.
نجحت في استفزازي .تكلمت مع «أصلان» .كان -هذه عنصرية ومصادرة لحقنا في الاختيار!
يذكرني بما لم أنسه يو ًما :منذ أن مات أبي مبك ًرا
واض ًحا ج ًّدا:
-نصيحتي لك ألا تفعلها ،لكن لو صممت سأدعمك
س ًّرا بكل الطرق أما علنا ستكون عدوي وسنتبرأ
منك جمي ًعا تضامنًا مع أمك».
موقف ممتاز لم أتوقعه منه .هذا يعني أن كثي ًرا
من العقبات المادية سوف ُتذلّل .تحولت فع ًل لفتى
شاشة الستينيات المدلل الذي يجهز سيارته بالمؤن
واللوجستيات الضرورية وينتظر السندريلا في
المكان المحدد مع أول ضوء للفجر ،تما ًما كما يحدث
في السينما.
في الموعد المتفق عليه ،كانت دموعي تبلل الوسادة
مثل المراهقات العاجزات .ليتني كنت مراهقة
وعاجزة فعلى الأقل سيكون هناك من يلتمس لي
العذر .لكني طويل مثل هامان بشارب يقف عليه
الصقر مثل مجرم هارب في الصعيد .أغلقت الموبايل
والتحفت بالجبن والنذالة وبت لا أعرف ما سيأتي
به الصباح.