Page 73 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 73

‫‪71‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

                    ‫الأجمل من كل الأساطير التي تداريها‪ ،‬كانت تنظر‪.‬‬
                   ‫تمنى لو أنها تنظر إليه‪ ،‬لو أنه قطعة من الزجاج التي‬

                       ‫يمر نظرها عبره‪ ،‬لو أنه خي ٌط حرير ٌّي في حاشية‬
                                             ‫ستارتها التي تلامسها‪.‬‬

                      ‫هل يحكي لأصحابه؟ تردد كثي ًرا‪ ،‬خشية أن تنظر‬
                      ‫إلى أحد غيره‪ ،‬أو أن يقوموا أمامها بتلك الحركات‬

                                                    ‫البلهاء‪ ،‬فتختفي‪.‬‬
                   ‫لم يكن يأبه لكلامهم السخيف من أن أح ًدا لا يسكن‬

                          ‫هذا القصر‪ ،‬من أنه لا يرتاده في النهار سوى‬
                       ‫العاملين فيه‪ ،‬أما في الليل‪ ،‬فيسكنه تاريخ مضى‪،‬‬

                                                    ‫وصمت حاضر‪.‬‬
                       ‫وكل ليلة‪ ،‬كان يطلب من أمه أن تحكي له حكاية‬

                         ‫الأميرة الصغيرة‪ ،‬وبعدما تنتهي‪ ،‬يكرر سؤاله‬
                       ‫اليومي‪« :‬ولم يرها أحد بعد ذلك؟»‪ ،‬ويأتي ردها‬

                                ‫اليومي‪« :‬نعم‪ ،‬لم يرها أحد بعد ذلك»‪.‬‬
                    ‫يقوم بعدها إلى سريره‪ ،‬وفي قلبه ابتسامة صغيرة‪،‬‬

                        ‫تضيء وجهه‪ ،‬وتسري كتيار خفي تحت جلده‪،‬‬
                    ‫يطفئ النور‪ ،‬يندس تحت غطائه‪ ،‬ولا يكون في عالمه‬
                      ‫الليلي سوى حلم صغير خافت الجوانب‪ ،‬تتوسطه‬

                          ‫نافذة‪ ،‬وأنامل رقيقة ترفع حاشية ستارة من‬
                    ‫الدانتيللا‪ ،‬وأميرة صبية تنسم بنظرة آسرة‪ ،‬تسري‬

                       ‫عبر الزمن‪ ،‬والنافذة المغلقة‪ ،‬والسور‪ ،‬إلى عينيه‪.‬‬
   68   69   70   71   72   73   74   75   76   77   78