Page 88 - ميريت الثقافية- العدد (29) مايو 2021
P. 88
العـدد 29 86
مايو ٢٠٢1
د.فيصل الأحمر
(الجزائر)
مخاتلات المرايا..
قراءة في «نصف مرآة» لهويدا أبو سمك
تجديد صلتنا بالعالم. القصة القصيرة فن معقد بسبب شعورها
في القصة المشطورة إلى شطرين «عالم آخر»
( ،)2+1نجد أنفسنا نقف داخل الدماغ المتناهي في بضرورة إحداث الهزات المنتظرة من الكتابة عمو ًما
الصغر والتناهي في الصخب أي ًضا لطفل صغير عبر دون أن تتمتع بالمساحة الكلامية التي تمتلكها
صلاته الأولى بالعالم :الميلاد ،وتجارب السنتين غريمتها الكبرى :الرواية .وليس من العبث أن
الأوليين أو ما لا ينأى عن ذلك ..تقول الكاتبة على
اللسان غير المتوقع للطفل الصغير قبل ميلاده نجد معظم الروائيين الكبار قد م ُّروا بكتابة القصة
أص ًل« :أخبرني هاتف في عالمي الجميل السابق القصيرة ،وبرعوا فيها.
أنه ليس مصيري الأبدي ،وأن هناك وقتًا سأخرج
فيه دون إرادتي لأترك كل متعي وأتخبط بين أياد هل يعني هذا أن القصة القصيرة نوع من التدريب
تتقاذفني بين الحين والآخر ،وتعتصرني بقوة الذي لا بعد منه لكل روائي؟
تكاد تلتهمني .كنت هناك وحدي أعيش بحرية، الإجابة هي قط ًعا :لا!
أتمدد يم الحين والآخر وأجلس ،وتارة أضع سا ًقا
على الأخرى وأتحرك في كل الجهات .طوال الوقت القصة القصيرة فن مستقل بنفسه .ولربما يوجد
يأتيني الطعام اللذيذ ،بينما كان المكان هاد ًئا ،وكنت في نهرها ما لا يوجد في بحر الرواية.
أنا سيد نفسي وسيد دنياي»( .ص)5 تدعونا المجموعة القصصية «نصف مرآة» للكاتبة
سوف يغرينا باب التأويل السريع فنقول إنها هويدا أبو سمك إلى تجديد عاداتنا في النظر إلى
وضعية سردية مألوفة في السينما على الأقل ،ولكن
المرايا كلها ..وبعي ًدا عن المحتويات أو الرسائل التي
تتحرك على أرض القصص ،فإننا نقف بكثير من
الانتباه أمام طريقة الكاتبة في وضعنا أمام مراياها
الكثيرة ،مرايا مخاتلة كما يحلو للفنانين الكبار أن
يفعلوا من أجل إحداث أبعد ما يحلم به أي فنان: