Page 144 - b
P. 144
قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ،فأرسل إلى
حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نر ُّدها
إلي ِك ،فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ،فأمر زيد بن ثابت وعبد الله
بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام
فنسخوها في المصاحف ،وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة:
إذا اختلفتم أنتم وزيد في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش
فإنما نزل بلسانهم ،ففعلوا ،حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف
رد عثمان الصحف إلى حفصة ،وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما
نسخوا ،وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن
يحرق .قال ابن شهاب :وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت ،سمع
زيد بن ثابت قال :فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ،قد
كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها ،فالتمسناها
فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري «من المؤمنين رجال صدقوا
ما عاهدوا الله عليه» ،فألحقناها في سورتها في المصحف.
وثمة ملاحظات مهمة على هذه الرواية أي ًضا:
-1أن حدوث (الجمع) في عهد أبي بكر لم يتبعه –تلقائيًّا -النسخ
والتعميم ،وإنما تم حفظ النسخة المجموعة عند أبي بكر ،ثم آلت إلى
عمر بن الخطاب حين تو َّل ،ثم لم يطلبها عثمان أص ًل بعد وفاة عمر،
فظلَّ ْت عند ابنته حفصة (أم المؤمنين) ،وهو ما يشير –منطقيًّا -إلى أن
الجمع كان للحفظ والتسجيل فقط ،وأن القرآن لم يكن ه ًّما يوميًّا كما
عند المتدينين الآن .ولا يمكن المحاججة بأنهم لم يكونوا يحتاجون
النسخة المكتوبة لقرب عهد التنزيل ،فالروايات جميعها تقول إن
أوائل الصحابة لم يكونوا بين ُح َّفاظ القرآن ،ولا يعرف معظمهم
تفسير ومعان َي بعض ما ورد فيه.
-2أن النس َخ تم تحت ضغط الخوف من التحريف فقط ،بالصدفة
البحتة ،فلو لم يكن حذيفة بن اليمان يغازي أهل الشام في فتح
144