Page 141 - b
P. 141

‫َع َر َض التي تحدثت عنها ساب ًقا‪ -‬القرآن على (جبريل) كل رمضان‬
‫طوال الشهر‪ ،‬وأنه عرضه عليه مرتين في العام الأخير‪ ،‬بالضبط كما‬
‫أن نزول آية «اليوم أكمل ُت لكم دين َكم وأتمم ُت عليكم نعمتي ورضي ُت‬
‫لكم الإسلا َم دينًا» (المائدة‪ )3 :‬ينفي وجود آيتي رجم الزاني المح َّصن‬
‫وإرضاع الكبير عش ًرا تحت سرير عائشة‪ ،‬لأنه –عقليًّا ومنطقيًّا‪ -‬كان‬
‫الوحي قد اكتمل‪ ،‬وأُ ِذ َن برحيل النبي‪ ،‬كما ورد في صحيح ابن حبان‬
‫(‪ )6861‬عن أبي سعيد الخدري «أن رسول الله جلس على المنبر فقال‪:‬‬
‫إن عب ًدا خيَّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده‬

    ‫فاختار ما عنده‪ ،‬فبكى أبو بكر وقال‪ :‬فديناك بآبائنا وأمهاتنا»‪.‬‬
‫غير أن رواية الجمع نفسها‪ ،‬كما وردت في السرديات الإسلامية‪،‬‬
‫تقول –صراحة ودون مواربة‪ -‬إن النبي حين توفي لم يجمع القرآن‬
‫ولم يأمر بجمعه‪ ،‬وهو ما جعل أبا بكر حين تولى الخلافة يتردد في‬
‫جمعه أو ًل حتى أقنعه عمر بن الخطاب أنها سنة حسنة‪ .‬فكيف تم‬

                                                ‫الجمع؟ ولماذا؟‬
                                              ‫الجمع الأول‪:‬‬
‫السردية الإسلامية تقول إن الجمع تم على مرحلتين‪ :‬الأولى في‬
‫عهد أبي بكر (ربيع أول ‪ -11‬جمادى الأولى ‪13‬هـ) أثناء حروب‬
‫الزكاة‪ ،‬بعد وفاة النبي بعام تقريبًا‪ ،‬حين سأل عمر بن الخطاب عن‬
‫آية فقيل إنها عند فلان ومات في اليمامة‪ ،‬والقصة واردة بالتفصيل‬
‫في صحيح البخاري‪ -‬سورة براءة باب قوله لقد جاءكم رسول من‬
‫أنفسكم (‪ :)4679‬عن‌الزهري قال‪ :‬أخبرني‌ابن السباق «أن زيد بن‬
‫ثابت الأنصاري ‪-‬رضي الله عنه‪ ،-‬وكان ممن يكتب الوحي‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أرسل إل َّي أبو بكر ]بعد[ مقتل أهل اليمامة‪ ،‬وعنده عمر‪ ،‬فقال أبو بكر‪:‬‬
‫إن عمر أتاني فقال‪ :‬إن القتل قد استحر يوم اليمامة بالناس‪ ،‬وإني‬
‫أخشى أن يستحر القتل بال ُق َّراء في المواطن‪ ،‬فيذهب كثير من القرآن‪،‬‬
‫إ َّل أن تجمعوه‪ ،‬وإني لأرى أن تجمع القرآن‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬قلت لعمر‪:‬‬

                             ‫‪141‬‬
   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146