Page 138 - b
P. 138
بالقرآن ،ونسخ السنة بالسنة ،وق َّس ُموه أي ًضا إلى ثلاثة اتجاهات:
-1نسخ التلاوة والحكم م ًعا بأن يرفع النص من القرآن ويلغى
حكمه معه.
-2نسخ الحكم وبقاء التلاوة ،فتكون الآية موجودة بالقرآن
حتى اليوم لكن لا ُيعمل بحكمها.
-3نسخ التلاوة مع بقاء الحكم ،ومثاله تحديد الرضاع المح ِّرم
بخمس رضعات ،فهو ثابت حك ًما فقط ،وليس موجو ًدا في القرآن.
وذكر السيوطي (المرجع السابق) أن الحكمة من الناسخ
والمنسوخ ما يأتي« :أحدهما :أن القرآن كما يتلى ل ُيعرف الحكم منه
والعمل به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه
الحكمة .والثاني :أن النسخ غالبًا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة
تذكي ًرا للنعمة ورفع المشقة».
“الناسخ والمنسوخ” إذن –كما بينت -اجتهاد بشري ،ثمة اتفاق
على أن أول من جاء به هو الإمام الشافعي ،يقول محمد عطية في مقال
بعنوان “النسخ ..التطور التاريخي للمصطلح” (منشور في موقع
إسلام أون لاين)“ :يعد الشافعي أول من ميَّز بين النسخ وبين هذه
الأساليب ،فقد أطلق في كتابه (الرسالة) على النسخ معان َي عدة تميزه
في الحقيقة عن غيره ،كلفظ التبديل والإزالة والمحو ،وهذه المعاني لا
توجد في التخصيص والتقييد ونحوهما من أساليب البيان».
واستشهد بقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه «الشافعي حياته
وعصره»« :إن الشافعي في رسالته قد حرر معنى النسخ فيما ساق
من أدلة وأمثلة ،فميزه عن تقييد المطلق وتخصيص العام ،وجعلهما
من نوع البيان» .كذلك «يقرر الإمام الحازمي سبق الإمام الشافعي
في تحديد معنى النسخ وفصله عن غيره من المعاني التي تشترك
معه فيقول( :لا نع َل ُم أح ًدا جاء بعد الإمام الزهري تص َّدى لهذا الفن
ول َّخصه ،وأمعن فيه وخصصه ،حتى جاء أبو عبد الله محمد بن
138