Page 139 - b
P. 139
إدريس الشافعي ،فإنه خاض تياره وكشف أسراره واستنبط معينه،
واستخرج دفينه ،واستفتح بابه ،ورتب أبوابه».
وعلى الرغم من أن الجهد المبذول طيب ،لإيجاد مخرج للتعارض
(الظاهر) ،أو ما ُيظن أنه تعارض في الأحكام بين الآيات والأحاديث،
فإنه يخلق مشكلات في بناء القرآن وإغلاقه؛ أتصور أنها أكبر من
الحلول التي قدمها.
فإذا رجعنا إلى تفسير ابن كثير لآية «وما ننس ُخ من آي ٍة أو
ُن ْن ِسها» ،سنجد اختلا ًفا بين المفسرين لاعتبار النسخ تبدي ًل أو مح ًوا،
لكن اللافت هو رأي (الضحاك) الذي قال(« :ما ننسخ من آية) ما
ُن ْن ِسك .وقال عطاء :أما (ما ننسخ) فما نترك من القرآن .وقال ابن
أبي حاتم :يعنيُ :ت ِرك فلم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم».
وهذا معنًى مختل ٌف مهم ٌل من ال ُّش َّراح ،يقول إن النسخ هو الترك ،أو
عدم التنزيل من الأصل.
أما كيف يمكن أن ( ُتنسى) الآيات ،فيقول الطبراني (من المصدر
السابق) :حدثنا أبو شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد ،حدثنا
أُ َب ُّي ،حدثنا العباس بن الفضل ،عن سليمان بن أرقم ،عن الزهري،
عن سالم ،عن أبيه ،قال :قرأ رجلان سورة أقرأهما رسول الله
فكانا يقرءان بها ،فقاما ذات ليلة يصليان ،فلم يقدرا منها على حرف
فأصبحا غاديين على رسول الله فذكرا ذلك له ،فقال رسول الله:
«إنها مما نسخ وأُ ْن ِس َي ،فاله ْوا عنها» .وهذا يعني أن الله يرفع الآية
المنسوخة من صدور وعقول كل من يحفظها! طيب ،لو صدقنا هذا
فكيف يتم التعامل مع الرقاع المكتوبة؟ هل تمحى أي ًضا؟ ثم :كيف
يتذكر الشخص أنه نسي ما أراد الله أن ينسيه إياه؟!
إذن فمعنى النسخ وكيفيته مختلف عليه.
لكن الأعظم أن أح ًدا لا يملك َث َبتًا بالآيات التي نسخت بشكل
كامل ،بل هناك اختلاف شاسع بين الآراء ،وقد رتبها الدكتور عبد
139