Page 137 - b
P. 137
ينسخان بعضهما بع ًضا ،قوله تعالى «كتب عليكم إذا حضر أحدكم
الموت إن ترك خي ًرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ح ًّقا على
المتقين» (البقرة ،)180 :بينما جاء في سنن أبي داود -كتاب الوصايا،
باب ما جاء في الوصية للوارث ( :)2870عن أبي أمامة ،سمعت
رسول الله يقول“ :إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية
لوارث” ،وكذلك ورد في مسند أحمد وسنن النسائي وسنن ابن
ماجه .والتعارض واضح بين النص في الآية على الوصية (للوالدين)،
وم َن َع الحديث الوصية للورثة ،وأولهم الوالدان بالطبع.
أنواع النسخ:
التعارض الظاهر ،والذي أتينا ببعض أمثلته ،جعل ال ُّش َّراح
يبتكرون فكرة «الناسخ والمنسوخ» ،بالقول إن بعض الآيات ينسخ
بعضها ،استنا ًدا إلى قوله تعالى «ما ننسخ من آية أو ُن ْن ِس َها نأ ِت بخير
منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير» (البقرة.)106 :
والمقصود بالنسخ «رفع حكم شرعي سابق ،بدليل شرعي
متأخر عنه في زمن نزول الوحي» ،وقد تعقب الشيوخ هذه التباينات
وحصروها ،ووجدوا أن النسخ لا يكون إلا في آيات الأحكام فقط،
فليس موجو ًدا في آيات القصص والحكم والوعظ ..إلخ ،وقد ع َّد َد
جلال الدين السيوطي في (الإتقان) السور التي بها نس ٌخ كالآتي:
قس ٌم ليس فيه ناسخ ولا منسوخ وهو ثلاثة وأربعون ،وقسم فيه
الناسخ والمنسوخ وهي خمسة وعشرون ،وقسم فيه الناسخ فقط
وهو ستة ،وقسم فيه المنسوخ فقط وهو الأربعون الباقية (الحافظ
جلال الدين السيوطي ،الإتقان في علوم القرآن ،المجلد الثالث ،النوع
السابع والأربعون «في ناسخه ومنسوخه» ص ،59تحقيق محمد
أبو الفضل إبراهيم ،إصدارات وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف
والدعوة والإرشاد ،المملكة العربية السعودية).
وق َّس ُموا النسخ إلى ثلاثة أنواع :نسخ القرآن بالقرآن ،نسخ السنة
137