Page 133 - b
P. 133

‫الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها‬
‫أو ٰلئك هم شر البرية» (البينة‪ ،)6 :‬يقول الطبري في تفسيرها‪(« :‬في‬
‫نار جهنم خالدين فيها) ماكثين لابثين فيها (أب ًدا) لا يخرجون منها‪،‬‬
‫ولا يموتون فيها‪( ،‬أولئك هم شر البرية) يقول جل ثناؤه‪ :‬هؤلاء‬
‫الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين‪ ،‬هم شر من برأه الله وخلقه»‬

                                         ‫أي أكثر الخلائق ش ًّرا‪.‬‬
‫كما نجد في سورة الأنفال آيتين متتابعتين مختلفتين (الآيتان‪:‬‬
‫‪ 65‬و‪ ،)66‬يقول تعالى‪« :‬يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال‬
‫إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة‬
‫يغلبوا أل ًفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون‪ /‬الآن خفف الله‬
‫عنكم وعلم أن فيكم ضع ًفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين‬
‫وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين»‪ ،‬ففي‬
‫الأولى يع ُد ُل المحارب المسلم عشرة محاربين من الكفار‪ ،‬وفي الثانية‬
‫يعدل محارب ْين كافر ْين فقط‪ ،‬لكننا نلاحظ أن الآية الثانية ذكرت‬
‫سبب التضاد في بدايتها «خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضع ًفا»‪،‬‬
‫بينما الآيات المختلفات التي أشرنا إلى نماذج منها لا تحوي هذا‬

                         ‫التبرير‪ ،‬فهل يعد ذلك علامة على شيء؟‬
‫ومن ذلك أي ًضا ما قيل في الخمر‪ ،‬فثمة تعارض ظاهر (في رأي‬
‫المفسرين وال ُّش َّراح) بين قوله تعالى‪« :‬يسألونك عن الخمر والميسر قل‬
‫فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما» (البقرة‪،)19 :‬‬
‫وقوله‪« :‬يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام‬

  ‫رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون» (المائدة‪.)90 :‬‬
                                  ‫‪ -2‬التضاد بين الأحاديث‪:‬‬

‫أما عن الأحاديث المنسوبة إلى النبي‪ ،‬فإن الأمر يتعدى التضاد‬
‫الواضح الظاهر بين المرويات؛ إلى وجود أحاديث (صحيحة) في‬
‫الكتب العمد‪ ،‬تنفي وجود الأحاديث من الأصل‪ ،‬وأن النبي الذي‬

                             ‫‪133‬‬
   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137   138