Page 130 - b
P. 130

‫با ًبا يصعب إغلاقه‪ ،‬فالحياد العلمي كان يقود –بالضرورة‪ -‬إلى‬
‫وجود مراوحات‪ ،‬وصل إلينا بعضها –مثل موضوع ضم الأنفال‬
‫وبراءة‪ -‬ومن المحتمل‪ ،‬ما دام الأم ُر ظنيًّا‪ ،‬ألا يكون قد وصل إلينا‬

                  ‫بعضها الآخر‪ ،‬وهذا يضعف فكرة إغلاق النص‪.‬‬
‫الحديث المشار إليه يقول إن النبي كان يستدعي الكتبة ويوجههم‬
‫إلى وضع الآيات الجديدة في أماكن محددة‪ ،‬وهذا يتعارض مع‬
‫أحاديث أخرى ذكر ُت بعضها ساب ًقا‪ ،‬مثل نسيان النبي لآيات وتذكره‬
‫لها بالصدفة‪ ،‬وأن الداجن أكل آيتي الرجم ورضاع الكبير عش ًرا‪،‬‬
‫وأن (الأحزاب) نقصت إلى الثلث بعد الجمع‪ ..‬وغيرها‪ ،‬فلو صح أن‬
‫الآيات كانت توضع في مكانها ما حدث ذلك‪ ،‬والأهم أن الصحابة لم‬
‫يكونوا سيحتاجون لجمع الآيات من الرقاع و(الصدور) بشاهدين‪،‬‬
‫كما سآتي إليه لاح ًقا‪ ،‬وأن الأحاديث تقول إن بعض الآيات كانت‬

                                  ‫مفقودة وعثر عليها بالصدفة!‬
‫ففي صحيح البخاري‪ ،‬كتاب فضائل القرآن‪ ،‬باب جمع القرآن‬
‫(‪ :)4988‬قال ابن شهاب‪ :‬وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت‪ :‬فقدت‬
‫آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف‪ ،‬قد كنت أسمع رسول الله‬
‫يقرأ بها‪ ،‬فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري‪« :‬من‬
‫المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» فألحقناها في سورتها‬
‫في المصحف‪ .‬وهو دليل آخر أن (التذكر) الشخصي لعب دو ًرا في‬

                             ‫الجمع‪ ،‬وهو ما ينفي فكرة الإغلاق‪.‬‬
‫وفي صحيح البخاري أي ًضا (‪ ،)7191‬وأي ًضا عن زيد بن ثابت‬
‫قال‪ :‬فتتبعت القرآن‪ ،‬أجمعه من العسب والرقاع واللخاف وصدور‬
‫الرجال‪ ،‬فوجدت في آخر سورة التوبة «لقد جاءكم رسول من‬
‫أنفسكم» (التوبة‪ .)128 :‬إلى آخرها مع خزيمة‪ ،‬أو أبي خزيمة‪،‬‬

                                          ‫فألحقتها في سورتها‪.‬‬
‫الحديثان في كتاب واحد هو البخاري‪ ،‬والراوي واحد هو زيد‬

                            ‫‪130‬‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135