Page 127 - b
P. 127

‫الفصل السابع‬
              ‫بين التوقيف والاجتهاد‪..‬‬
  ‫عن الناسخ والمنسوخ‪ ،‬وجمع القرآن‪ ،‬وترتيبه‬

‫بداي ًة؛ أنا لا أتفهم الدفع –فيما يتعلق بالمرويات الدينية‪ -‬بأن‬
‫هذه رواية شاذة أو ضعيفة أو موضوعة‪ ..‬لعدة أسباب‪ :‬أنه ليس‬
‫لدينا بعد ‪ 1400‬عام من نزول الإسلام قائمة محكمة بالصحيح‬
‫والمعطوب يمكن أن ُيحا َّج بها أحدنا الآخرين‪ ،‬وأن من يباهون الناس‬
‫بأنهم (علماء) و(أولياء أمر) المسلمين‪ ،‬لم يعملوا عن تنقيح المرويات‬
‫وتخليصها مما يعتقدون أنه موضوع أو معطوب‪ ،‬بل الأنكى أنهم‬
‫‪-‬هم أنفسهم‪ -‬يختلفون حول مدى صحة الروايات ويعتقدون أن‬
‫هذا (الاختلاف) رحمة‪ ،‬في حين أنهم (لا يرحمون) من يعتنق أحدها‬

                                           ‫مما لا يوافق هواهم‪.‬‬
‫إن وجود رواية واحدة معطوبة في كتاب ضخم –مهما كان اسمه‬
‫ومهما كانت درجة تقديسه‪ -‬لدليل على فساد المنطق الذي أنتج هذه‬
‫الرواية وباقي الروايات‪ ،‬وبالتالي لا يمكن الركون إلى هذه الكتب‪..‬‬
‫والسبب الأهم أن كثيرين يؤمنون بتلك الروايات إيما ًنا مطل ًقا‪،‬‬
‫بل ويرفعون بعضها إلى مرتبة (المعلوم من الدين بالضرورة)‪،‬‬

                                         ‫ويسجنون من ينكرها‪.‬‬

                     ‫ترتيب السور‬
‫ما زلت أتناول موضوع القرآن باعتباره ن ًّصا مغل ًقا أم ن ًّصا‬
‫مفتو ًحا‪ ،‬على أساس أن كتا ًبا كتبه الله لا يجب أن تتدخل فيه أصابع‬
‫البشر لو ص َّدقنا الحديث الذي يقول إن (جبريل) كان يراجع التنزيل‬
‫مع النبي محمد كل رمضان من كل عام‪ ،‬وحيث إن إغلاق النص‬

                             ‫‪127‬‬
   122   123   124   125   126   127   128   129   130   131   132