Page 129 - b
P. 129
فظننت أنها منها ،فقبض رسول الله ولم يبين لنا أنها منها فمن أجل
ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم
فوضعتها في السبع الطوال».
(ابن عباس هنا يشير إلى قول الرسول –كما ورد في مسند أحمد
( )16982عن واثلة بن الأسقع :-أعطيت مكان التوراة السبع،
وأعطيت مكان الزبور المئين ،وأعطيت مكان الإنجيل المثاني ،وفضلت
بالمفصل .أي أن ترتيب السور يبدأ بالسور السبع الطوال ،ثم المئين
“السور التي تزيد أو تقل قلي ًل عن مئة آية» ،ثم المثاني «ما ثنى
المئين فتلاها» ،ثم المفصل «سميت مفص ًل لكثرة الفصول التي بين
سورها») .وقد اختلط الأمر على عثمان واعتقد أن الأنفال وبراءة
سورة واحدة ،فضمهما م ًعا ووضعهما ضمن الطوال في بداية
المصحف!
هذا الحديث هو ما يجعل محمد الأمين الشنقيطي (ت1393هـ/
1973م) يقول في كتابه «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن»
(« :)427 /2يؤخذ من هذا الحديث أن ترتيب القرآن بتوقيف من
النبي (ص) وهو كذلك بلا شك ،وكما يفهم منه أي ًضا أن ترتيب
سوره بتوقيف أي ًضا عدا سورة براءة ،وهذا أظهر الأقوال ودلالة
الحديث عليه ظاهرة».
وكذلك قال البيهقي في المدخل :كان القرآن على عهد النبي صلى
الله عليه وسلم مرتبًا سوره وآياته على هذا الترتيب إلا الأنفال
وبراءة لحديث عثمان السابق.
الشنقيطي والبيهقي وغيرهما ممن قال هذا الرأي ،تعاملوا مع
الحديث المذكور بإيمان مسبق وليس بحياد علمي ،فقد اعتبروه
الوحيد الذي ورد في هذا الباب متجاهلين أحاديث أخرى كثيرة
يستدل منها على معنى مخالف ،كما أنهم –وهذا هو المهم -تجاهلوا
قول عثمان «فظننت” أنها منها ،ودخول “الظن” في كتاب إلهي يفتح
129