Page 131 - b
P. 131

‫ابن ثابت‪ ،‬والمصدر الحامل واحد هو خزيمة (أو أبي خزيمة‪ :‬لاحظ‬
‫هذه المراوحة عن كتاب الله)‪ ،‬ومع ذلك فالآيتان مختلفتان‪ :‬الأولى‬
‫في الأحزاب رقم (‪ ،)23‬والثانية في التوبة (‪ .)128‬وهذا يعني واحد‬
‫من اثنين‪ :‬الأول أن وجود آيات ضائعة كان أم ًرا عاد ًّيا مما ينفي‬
‫موضوع الإغلاق‪ ،‬أو أن كتب الأحاديث ليست دقيقة‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫الكلام عن التوقيف والاجتهاد في ترتيب السور والآيات ليس دقي ًقا‬

                                                        ‫كذلك‪.‬‬
‫أما ترتيب السور فهو اجتهاد من الصحابة في الإجماع (رغم أن‬
‫كثيرين قالوا إن ترتيب الآيات والسور كلتاهما توقيف‪ ،‬أي بتوجيه‬
‫من النبي ذاته)‪ .‬فقد ذكر محمد فاروق النبهان في كتابه (المدخل إلى‬
‫علوم القرآن الكريم) عن البرهان للزركشي‪ ،‬ج ‪ ،1‬ص‪ُ « :237‬ج ِم َع‬
‫القرآن على ضربين‪ :‬أحدها‪ :‬تأليف السور‪ ،‬كتقديم السبع الطوال‬
‫وتعقيبها بالمئين‪ ،‬فهذا الضرب هو الذي تولته الصحابة‪ .‬وأما الجمع‬
‫الآخر‪ :‬وهو جمع الآيات في السور فهو توقيفي تولاه النبي”‪ .‬وقد‬
‫أورده السيوطي عن ابن فارس في (الإتقان) ج ‪ ،١‬ص ‪.١٧٧ -١٧٦‬‬
‫“ومما استدل به لذلك اختلاف السلف في ترتيب السور فمنهم من‬
‫رتبها على النزول وهو مصحف عليٍّ كان أوله اقرأ ثم المدثر ثم نون‬
‫ثم المزمل وهكذا وكان أول مصحف ابن مسعود البقرة ثم النساء ثم‬

                ‫آل عمران على اختلاف شديد وكذا مصحف أُبي»‪.‬‬
‫وأيضا هذا الرأي يختلف عما بين ُت ُه ساب ًقا من أن عليًّا بن أبي‬
‫طالب قال‪ :‬أول ما نزل من القرآن «قل تعالوا أتل ما حرم ربكم‬
‫عليكم»‪ .‬فما يقال هنا يقال عكسه هناك‪ ..‬وهكذا! ويبقى أن أتوقف‬
‫في مناسبة أخرى أمام الآيات المتشابهة بالكامل في أكثر من سورة‪،‬‬

                  ‫والمتشابهة جزئيًّا‪ ،‬والبحث في دلالة هذا التكرار‪.‬‬

                  ‫الناسخ والمنسوخ‬

                             ‫‪131‬‬
   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136