Page 136 - b
P. 136

‫غالبية ال ُّش َّراح في الخطاب الديني الإسلامي يعتقدون بقداسة‬
‫الأحاديث النبوية كونها وحيًا‪ ،‬استنا ًدا إلى قول الله تعالى «وما ينطق‬
‫عن الهوى‪ ،‬إن هو وحي يوحي» (النجم‪ 3 :‬و‪ ،)4‬وقوله «وما آتاكم‬
‫الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا» (الحشر‪ ،)7 :‬رغم أن الآيات‬

                ‫لا تخص الأحاديث‪ ،‬لكن هذا ليس موضوع بحثنا‪.‬‬
‫تقديس الأحاديث جعل بعض الشيوخ يقولون إن الحديث ينسخ‬
‫القرآن حسب زمن النزول‪ ،‬ففي تفسير القرطبي لآية «ما نن َس ْخ‬
‫م ْن آ َي ٍة أ ْو ُنن ِس َها َنأ ِت ِب َخي ٍر من َها َأو ِمثلِ َها» (البقرة‪ )106 :‬يقول‪:‬‬
‫«و ُح َّذاق الأئمة على أن القرآن ُينسخ بالسنة‪ ،‬وذلك موجود في قوله‬
‫عليه السلام‪ :‬لا وصية لوارث‪ .‬وهو ظاهر مسائل مالك‪ .‬وأ َبى ذلك‬
‫الشافعي وأبو الفرج المالكي‪ ،‬والأول أصح‪ ،‬بدليل أن الك َّل حك ُم الله‬
‫تعالى ومن عن ِد ِه وإن اختلفت في الأسماء‪ .‬وأي ًضا فإن الجلد ساقط‬
‫في حد الزنى عن الثيب الذي يرجم‪ ،‬ولا مسقط لذلك إلا السنة»‪ ،‬فعل‬

                            ‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬هذا بيِّ ٌن‪.‬‬
‫وال ُح َّذاق أي ًضا على أن السنة ُتنسخ بالقرآن وذلك موجود في‬
‫القبلة‪ ،‬فإن الصلاة إلى الشام لم تكن في كتاب الله تعالى‪ .‬وفي قوله‬
‫تعالى‪« :‬فلا ترجعوهن إلى الكفار»‪ ،‬فإن رجوعهن إنما كان بصلح‬

                             ‫النبي صلى الله عليه وسلم لقريش»‪.‬‬
‫ومن ذلك ما ورد في سنن ابن ماجه‪ -‬افتتاح الكتاب في الإيمان‬
‫وفضائل الصحابة والعلم باب تعظيم حديث رسول الله والتغليظ‬
‫على من عارضه (‪ :)12‬عن المقدام بن معد يكرب الكندي‪ ،‬أن رسول‬
‫الله قال‪« :‬يوشك الرجل متكئًا على أريكته‪ ،‬يحدث بحديث من حديثي‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬بيننا وبينكم كتاب الله عز وجل‪ ،‬فما وجدنا فيه من حلال‬
‫استحللناه‪ ،‬وما وجدنا فيه من حرام ح َّرمناه‪ ،‬ألا وإن ما حرم رسول‬

                                         ‫الله مثل ما حرم الله»‪.‬‬
‫ومن أمثلة التعارض بين القرآن والأحاديث‪ ،‬ويقول الشيوخ إنهما‬

                            ‫‪136‬‬
   131   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141