Page 132 - b
P. 132

‫الذين يتحدثون عن «علوم الدين»‪ ،‬أي مجموعة المعارف التي‬
‫ترتبط بالدين وتستند إلى القرآن الكريم والسنة النبوية‪ ،‬يضعون‬
‫ضمنه باب «الناسخ والمنسوخ»‪ ،‬وقيل إن أول من تحدث عنه الإمام‬
‫الشافعي (أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي‬
‫(‪204 -150‬هـ)‪ ،‬وغايته فهم التضاد (الظاهر) بين بعض الآيات في‬
‫القرآن‪ ،‬وبعض الأحاديث‪ ،‬إضافة إلى التضاد بين الحديث والقرآن‪،‬‬

                                            ‫والحديث والحديث‪.‬‬
                                ‫‪ -1‬التضاد بين آيات القرآن‪:‬‬
‫مثل الموقف المتغير من أهل الكتاب‪ ،‬فمرة يميل إلى مدحهم مثل‬
‫قوله عن المسيحيين «ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا‬
‫إنا نصارى» (المائدة‪ ،)82 :‬وعن أهل الكتاب عامة يقول «من أهل‬
‫الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون‪ ،‬يؤمنون‬
‫بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون‬
‫في الخيرات وأولئك من الصالحين» (آل عمران‪ ،)114 -113 :‬بل إن‬
‫القرآن يقول إن من آمن منهم بدينه –إلى قيام الساعة‪ -‬سيدخل‬
‫الجنة‪« :‬إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن‬
‫بالله واليوم الآخر وعمل صال ًحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون»‬
‫(البقرة‪ ،)62 :‬وورد في تفسير ابن كثير عن هذه الآية قوله‪« :‬نبه‬
‫تعالى على أن من أحسن من الأمم السالفة وأطاع‪ ،‬فإن له جزاء‬
                        ‫الحسنى‪ ،‬وكذلك الأمر إلى قيام الساعة»‪.‬‬
‫لكن القرآن يعود ويذمهم في مواضع أخرى‪ ،‬يقول تعالى‪« :‬ولن‬
‫ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم» (البقرة‪،)120 :‬‬
‫و»ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم‬
‫من خير من ربكم” (البقرة‪ ،)105 :‬بل إنهم (كفار) في مواضع‬
‫أخرى‪ ،‬متساوون مع المشركين‪ ،‬يقول‪“ :‬لم يكن الذين كفروا من‬
‫أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة” (البينة‪ ،)1 :‬و”إن‬

                            ‫‪132‬‬
   127   128   129   130   131   132   133   134   135   136   137