Page 124 - b
P. 124

‫تحت قواعد علمية جديدة تخص مادة الفيلولوجيا‪ ،‬هذه المادة التي‬
‫أعطت قراءة جديدة للقرآن تعيد قراءته لزمان ظهوره‪ ،‬فتتضح بهذه‬
‫القراءة الجديدة الكثير من المقاطع الغامضة التي اختلف المفسرون في‬
‫تفسيرها على العديد من الأقوال‪ ،‬رغم إيمانهم بأنه قرآن عربي مبين‪،‬‬

                                      ‫أي واضح لا غموض فيه!‬
‫طب ًعا الدراسات الفيلولوجية للقرآن ما زالت في بداياتها‪ ،‬وتحتاج‬
‫لتضافر الجهود بين الباحثين والمتخصصين في هذه المادة للوقوف‬
‫نسبيًّا على القراءة الصحيحة لهذا النص‪ ،‬وبالتالي تحديد التشريع‬
‫والأحكام في ظل المفهوم اللغوي الذي يريده النص القرآني‪ ،‬وليس‬
‫ما توصل إليه علماء الإسلام من أمور قد تكون مختلفة تما ًما عما‬
‫كانت عليه الأمور في عصر ظهوره‪ ،‬فلو أخذنا ‪-‬على سبيل المثال‬
‫لا الحصر‪ -‬سورة المسد بحسب علم الفيلولوجيا‪ ،‬سنجد السورة‬
‫بأكملها تتحدث عن البخل وتذم صاحبه‪ ،‬وتنبهه لما قد يؤول إليه أمره‬
‫من مؤامرات في الدنيا من أقرب الناس إليه قبل الآخرة‪ ،‬لكن تفسير‬
‫علماء الإسلام لهذه السورة ذهب بعي ًدا ليجعل أحد أعمام الرسول‬
‫وزوجته في زاوية السب من الله لهما‪ ،‬تكرره ألسنة المسلمين عند كل‬
‫صلاة إلى يوم القيامة! وإذا ما عرفنا وقت وسبب ظهور مثل هذه‬
‫التفسيرات في عصر الخليفة أبو جعفر المنصور العباسي‪ ،‬وما كان‬

             ‫يحمله من عداء لعمه عبد الله بن علي‪ ،‬لبطل العجب!»‪.‬‬
‫والاختلاف في القراءات باب كبير أي ًضا‪ ،‬وهو ليس موضوع هذه‬
‫الكتابة لأتوسع فيه‪ ،‬لكنني سأشير ‪-‬فقط‪ -‬إلى بعض الأمثلة من‬
‫الاختلافات بين مصاحف المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام‪،‬‬
‫ففي البقرة ‪ 132‬جاء في المدينة والشام لفظ (وأوصى) وفي ال ُأ َخر‬
‫تبدل إلى (وو َّصى)‪ ،‬وفي النساء ‪ 66‬ورد في جميعها (إلا قليل)‬
‫وفي الشام (إلا قليلا)‪ ،‬وفي المائدة ‪ 54‬ورد في المدينة والشام (من‬
‫يرتدد)‪ ،‬وفي الباقي (من يرتد)‪ ،‬وفي الأنعام ‪ 32‬ورد (وللدار) في‬

                            ‫‪124‬‬
   119   120   121   122   123   124   125   126   127   128   129