Page 123 - b
P. 123
وأثافي وأثاثي ،ومغافير ومغاثير .وأشباه ذلك مما تقلب الفاء ثاء
والثاء فاء لتقارب مخرجيهما».
أنا آتيك هنا بتفسيرات متقدمة تقول إن بعض الأحرف ُب ِّدلت
لتقارب المخارج (!!) ،مثل الفاء والثاء ،وربما ثمة أحرف أخرى يبدلها
العرب حتى يومنا هذا ،مثل الجيم (بثلاث نقاط) والياء ،والجيم
(بنقطة واحدة أو الجيم المصرية) والقاف .ولاحظ أن هؤلاء المتقدمين
يبررون ويصححون إبدال هذه الحروف في القرآن ،فلم يج ِّرموا ابن
مسعود لأنه يقرأ الآية (ثومها) بدل (فومها)!
الأستاذ محمد لمسيح له إبحارات في معاني بعض الكلمات
الأعجمية ،تفتح النصوص على تأويلات أخرى غير المشهورة ،وعن
هذا الاختلاف حدثني في حوار أجريته معه نشر في (مجلة ميريت
الثقافية) العدد رقم ( -)38فبراير ،2022قال -وسأورد استشها ًدا
طوي ًل بعض الشيء« :-النص القرآني الذي بين أيدينا الآن في أصله
ومخطوطاته القديمة لم يكن فيه تنقيط أو علامات الإعراب أو الهمزة
أو ألف الم َّد نظ ًرا لبدائية خطه ،مما نتج عن ذلك وجود قراءات مختلفة
عديدة اع ُت ِرف بسبع قراءات ،منذ بداية الأمر ،وتنتمي لخمس مدارس
في دمشق ومكة والمدينة والكوفة والبصرة ،ثم أضيفت ثلاث قراءات
أخرى لتصبح عشر قراءات رسمية للقرآن ،ثم أضاف الإمام البنا
الدمياطي المتوفى سنة ١١١٧هـ أربع قراءات أخرى ،ولم يتوقف العدد
في القراءات المختلفة إلى هذا الحد ،فقد ظهرت خمسون قراءة مختلفة
بحسب ابن مجاهد ،وألف وأربعمائة وتسعة وخمسين رواية وطريقة
بحسب الهذلي ،مما اضطر علماء الإسلام إلى وضع فتوى بعدم
الاجتهاد في ضم المزيد من القراءات للقراءات الرسمية ،واعتبروا كل
القراءات ما بعد القراءات الأربع عشرة ،هي «قراءات شاذة” ،وهذا
إن دل على شيء فإنما يدل على أن هذه القراءات هي فقط اجتهاد
من القراء ،وبنفس المنطق (منطق الاجتهاد) يمكن قراءة هذا النص
123