Page 122 - b
P. 122

‫تعدد القراءات والاختلافات بينها‬
‫الباحث وخبير المخطوطات المغربي محمد لمسيح‪ ،‬الذي يعيش‬
‫في فنلندا ويعمل ضمن فريق علمي أجنبي في فحص المخطوطات‬
‫لمعرفة تاريخها وأصلها‪ ،‬له اجتهادات مهمة في قراءة معاني مفردات‬
‫القرآن كما كانت تعرف وقت التنزيل‪ ،‬فاللغة كما هو معروف ‪-‬أو ًل‪-‬‬
‫تنزاح عن معانيها بفعل الزمن والاستخدام واختلاف الأماكن‪ ،‬مثل‬
‫كلمة (حجاب) التي كانت تعني (حائط)‪َ « :‬وإِ َذا َس َأ ْل ُت ُمو ُه َّن َم َتا ًعا‬
‫َفا ْس َأ ُلو ُه َّن ِمن َو َرا ِء ِح َجا ٍب َذلِ ُك ْم َأ ْط َه ُر لِ ُقلُو ِب ُك ْم َو ُقلُو ِب ِه َّن» (الأحزاب‪:‬‬
‫‪ ،)53‬فيقول الطبري في تفسيره للآية‪« :‬وإذا سألتم أزواج رسول الله‬
‫َ َّص الله َع َل ْي ِه َو َسلَّم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متا ًعا‬
‫( َفا ْس َأ ُلو ُه َّن ِم ْن َو َرا ِء ِح َجا ٍب)‪ ،‬يقول‪ :‬من وراء ستر بينكم وبينهن‪،‬‬

         ‫ولا تدخلوا عليهن بيوتهن»‪ .‬وأصبحت تعني غطا ًء للشعر!‬
‫وثانيًا‪ :‬فإن كثي ًرا من ألفاظ القرآن لها أصول فارسية وسريانية‬
‫وعبرية ويونانية وحبشية‪ ..‬وغيرها‪ ،‬مثل‪ :‬أباريق‪ ،‬إستبرق‪ ،‬زنجبيل‪،‬‬
‫سجيل‪ ،‬طاغوت‪ ،‬فردوس‪ ،‬ماعون‪ ،‬مشكاة‪ ..‬ومثلها أي ًضا قوله « ُي ْخ ِر ْج‬
‫َل َنا ِم َّما ُتنبِ ُت ا ْ َل ْر ُض ِمن َب ْقلِ َها َو ِقثَّا ِئ َها َو ُفو ِم َها َو َع َد ِس َها َو َب َصلِ َها»‬
‫(البقرة‪ ،)61 :‬وفي تفسير ابن كثير جاء‪« :‬فالبقول والقثاء والعدس‬
‫والبصل كلها معروفة‪ .‬وأما الفوم فقد اختلف السلف في معناه‪ ،‬فوقع‬
‫في قراءة ابن مسعود وثومها بالثاء‪ ،‬وكذلك فسره مجاهد في رواية‬
‫ليث بن أبي سليم‪ ،‬عنه‪ ،‬بالثوم‪ .‬وكذا الربيع بن أنس‪ ،‬وسعيد بن‬
‫جبير‪ .‬وقال ابن أبي حاتم‪ :‬حدثنا أُبي‪ ،‬حدثنا عمرو بن رافع‪ ،‬حدثنا‬
‫أبو عمارة يعقوب بن إسحاق البصري‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬في‬
‫قوله‪( :‬وفومها) قال‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬الثوم‪ .‬قالوا‪ :‬وفي اللغة القديمة‪:‬‬
‫فوموا لنا بمعنى‪ :‬اختبزوا‪ .‬وقال ابن جرير‪ :‬فإن كان ذلك صحي ًحا‪،‬‬
‫فإنه من الحروف المبدلة كقولهم‪ :‬وقعوا في عاثور شر‪ ،‬وعافور شر‪،‬‬

                            ‫‪122‬‬
   117   118   119   120   121   122   123   124   125   126   127