Page 147 - b
P. 147
فقط كما ورد وإنما إعادة الجمع ،وإلا ما وقف على المنبر وطلب من
الناس أن يأتوه بما لديهم ،بعدما (سمع قراءة أُبي وعبد الله ومعاذ)،
وبالتالي ُي ْس َت َش ُّف أنه وج َد اختلافات بين القراءات ،والأهم أن الناس
جعلوا يأتونه باللوح ،والكتف والعسب فيه الكتاب ،وأنه قبله منهم
بسؤال واحد «أنت سمعت من رسول الله؟» ،دون شهود أو اتفاق
بين أكثر من مصدر ،أو على الأقل تبدو الرواية متسامحة في قبول
النصوص ،بالقياس إلى الجمع الأول الذي لم ُتقبل فيه الآيات إلا
بشاهدين.
ما أريد أن أقوله –في الختام -من استقراء الروايات وتمحيصها،
إن إحكام النص ،أو إغلاقه ،باعتباره كتا ًبا كتبه الله بنفسه ،واختار
له الصادق الأمين ليتلقاه -عن طريق (جبريل) -ليبلغه للناس ،كان
يستلزم أن يحتفظ النبي بنسخة منه لنفسه ،يدققها ويراجعها بحيث
تطابق الوحي الذي تلقاه ،بحيث يأخذه الناس من بعده كام ًل مك َّم ًل
مغل ًقا ،لا يحتاجون لوضع أيديهم فيه ،سواء بالجمع أو الترتيب
(الآيات والسور داخلها) ،لكن الروايات (جميعها ،وعلى درجاتها
واختلافاتها) ُتج ِمع على أن هذا لم يحدث ،وأن اكتمال النص على
الشكل المتداول الآن تم بتدخل بشري ،وأي عمل بشري يحتمل
نسبة خطأ ،قد لا تكون موجودة ،لكنها محتملة ،ولا يستطيع أحد
–بالرجوع إلى الكتب -نفيها أو إثباتها ..وأنا هنا أتحدث عن مرحلة
الجمع والنسخ فقط ،ولم أصل إلى ما بعد ذلك من تنقيط وتشكيل،
واستخدام القرآن في الحروب والنزاعات السياسية والق َبلية.
147