Page 210 - merit 50
P. 210

‫العـدد ‪50‬‬                            ‫‪208‬‬

                                   ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬

      ‫العسكري‪ ،‬في حماسة تفوق‬            ‫يجرها الخيول‪ ،‬وطور كذلك‬          ‫حدودها جنو ًبا إلى الشلال الثاني‪،‬‬
  ‫الوصف‪ ،‬وتسلطت على عقولهم‬         ‫الأسلحة الحربية باستخدام النبال‬            ‫وصورت حملات أحمس في‬
   ‫عوامل الحرب‪ ،‬حتى أن أثرياء‬      ‫المزودة بقطعة حديد على الأسهم‪.‬‬
‫القوم‪ ،‬بل وأمراء الدولة‪ ،‬تسابقوا‬                                         ‫مقبرة اثنين من قواده هما أحمس‬
                                    ‫وقد عاصرت عهد أحمس الأول‪،‬‬               ‫بن إبانا وأحمس بن نكيب‪ ،‬كما‬
     ‫في الانخراط في الجندية بغية‬       ‫ثورة اجتماعية جارفه هدفت‬                            ‫سنرى لاح ًقا‪.‬‬
 ‫الحصول على الأوسمة والألقاب‪.‬‬            ‫إلى تمجيد الجندية‪ ،‬ذلك أن‬        ‫وهكذا كتب لجهود أحمس نجاح‬
                                      ‫المصريين قد عرفوا وقت ذاك‪،‬‬
    ‫ولعل أوضح الأمثلة على ذلك‪،‬‬        ‫أن الحروب تعود على المنتصر‬         ‫بعيد المدى في تطهير مصر من كل‬
  ‫هو القائد أحمس بن إبانا‪ ،‬الذي‬                                           ‫أثر لهؤلاء الرعاة‪ ،‬ثم قفل راج ًعا‬
‫أبلى بلا ًء حسنًا في حرب التحرير‪،‬‬  ‫بالغنائم الكثيرة‪ ،‬وأن في ميادينها‬          ‫إلى طيبة متخ ًذا منها عاصمة‬
                                        ‫متس ًعا لأعمال البطولة‪ ،‬وأن‬          ‫لحكم البلاد‪ ،‬مؤس ًسا الأسرة‬
    ‫فنال تقدير مليكه‪ ،‬فأنعم عليه‬                                         ‫الثامنة عشرة على ما يقول المؤرخ‬
          ‫بمنحه ذهب الشجاعة‪.‬‬        ‫فرعون كان يعترف بها‪ ،‬ويكافئ‬           ‫المصري مانيتون‪ ،‬وكان مح ًّقا في‬
                                   ‫عليها‪ ،‬أ ًّيا كانت الطبقة التي ينتمي‬     ‫ذلك‪ ،‬إذ الواقع أنه في حكم هذا‬
      ‫وتوضح لنا السيرة الذاتية‬                                             ‫الفرعون قد طويت صحيفة من‬
  ‫للقائد العسكري أحمس بن إبانا‬         ‫إليها البطل المحارب‪ ،‬ومن ثم‬         ‫تاريخ البلاد سيطر عليها عصر‬
  ‫المسطورة بمقبرته بمدينة الكاب‬     ‫فقد سارع أبناء الطبقة الوسطى‬             ‫استعباد الشعب المصري مدة‬
 ‫جنوب شرقي إسنا بمحافظة قنا‬                                                ‫قرن ونصف من الزمان‪ ،‬ثم بدأ‬
 ‫بعض الأضواء على حرب أحمس‬               ‫إلى الالتحاق بالجيش‪ ،‬بعدما‬           ‫فترة جديدة شهدت استقلال‬
 ‫ضد الهكسوس‪ ،‬وحصاره مدينة‬           ‫عرفوا أن الجندية ترفع مركزهم‬             ‫البلاد وطرد الغزاة الغاصبين‬
                                                                            ‫من أرض الكنانة‪ .‬ومن ثم حق‬
     ‫أواريس‪ ،‬عاصمة الهكسوس‬             ‫الأدبي‪ ،‬بترقياتهم في الجيش‪،‬‬        ‫للفرعون العظيم أحمس أن يفخر‬
     ‫بالدلتا‪ ،‬والقتال العنيف الذي‬   ‫وهكذا اندفع المصريون في التيار‬           ‫بألقابه الخمسة‪ :‬حور القاهر‪،‬‬
    ‫دام عدة سنوات حولها‪ ،‬حتى‬
   ‫تم إخضاعها‪ ،‬ثم حصارهم في‬        ‫منتوحتب‬                               ‫العقاب والصل‪ ،‬الضام الأرضيين‪،‬‬
  ‫شاروهين آخر قلاع الهكسوس‬           ‫الثاني‬                                ‫ملك الوجه البحري والقبلي‪ ،‬ابن‬
                                                                                                ‫الشمس‪.‬‬
       ‫الحصينة في جنوب غربي‬
      ‫فلسطين‪ ،‬ثم متابعتهم حتى‬                                                 ‫تمجيد الجندية‬
‫زاهي‪ ،‬ثم حملات أحمس الناجحة‬
   ‫في النوبة‪ ،‬وحملاته ضد بعض‬                                                   ‫وخلال فترة حكم الفرعون‬
    ‫المتمردين عليه من المصريين‪،‬‬                                                 ‫أحمس‪ ،‬التي بلغت خمسة‬

        ‫الذين كانوا يتعاونون مع‬                                                       ‫وعشرين عا ًما‪ ،‬قام‬
   ‫الهكسوس‪ ،‬واستطاع الفرعون‬                                                               ‫بتطوير الجيش‬
 ‫بعدها استعادة سيادة مصر‬
 ‫هناك‪ ،‬وإعادة توطيد الحكم‬                                                             ‫المصري‪ ،‬فكان أول‬
                                                                                           ‫من أدخل عليه‬
        ‫المصري في النوبة‪.‬‬
    ‫والقائد أحمس بن إبانا‬                                                              ‫العجلات الحربية‪،‬‬
                                                                                     ‫التي كان يستخدمها‬
      ‫يحكى في سيرته أن‬                                                                 ‫الهكسوس‪ ،‬وكانت‬
‫الفرعون أحمس الأول بعد‬
 ‫أن قضى على الآسيويين‬                                                                       ‫سبب تفوقهم‬
‫ووصل إلى الشلال الثاني‬                                                                   ‫على مصر‪ ،‬وكان‬
 ‫في الجنوب؛ ليقضى على‬

  ‫القبائل الصحراوية في‬
   205   206   207   208   209   210   211   212   213   214   215