Page 215 - merit 50
P. 215

‫‪213‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫رأي‬

     ‫لا تولد قبي ًحا‪..‬‬

      ‫فلسفة القبح‪،‬‬
                                                    ‫أسماء عبد‬

     ‫العزيز مصطفى ثنائية الجميلة‬

                                    ‫والوحش‬

 ‫ما يحدد تعامل الناس معنا طوال‬       ‫«عشت هذه السنين الطويلة وأنا‬        ‫لقد أرسلتني إلى عالم‬            ‫«إلهي‪..‬‬
       ‫الوقت‪ ..‬ولا سيما مظهرنا‪.‬‬      ‫أحلم بالانتقام من أفراد المجتمع‬       ‫أشعر فيه بالخجل‬
                                    ‫الذين أفلحوا في أن يجعلوني أكفر‬         ‫الشديد من نفسي‬
‫في هذا المقال لست بصدد الحديث‬                                              ‫كلما أبصرتها فوق‬
  ‫عن الكاتب الراحل بشخصه ولا‬                            ‫بكل شيء»‪.‬‬          ‫عيون الآخرين‪ ،‬أو‬
    ‫عن القبح كدافع للانتحار‪ ،‬بل‬       ‫تجلعني تلك الكلمات أتصور أن‬         ‫فوق مئات السطوح‬
 ‫لإلقاء الضوء عن «فلسفة القبح»‬                                             ‫اللامعة التي ملأت‬
  ‫المُتجاهلة في تراثنا الإنساني في‬      ‫في هذا العالم أنا ًسا لم يعرفوا‬    ‫بها عالمك‪ ،‬ربما عن‬
                                    ‫الحب طول حياتهم‪ ،‬أنا ًسا عاشوا‬         ‫عمد لتذلني أكثر‪ ..‬لتشعرني‬
‫كثير من الفترات على مر العصور‪.‬‬                                             ‫أكثر بالهوان‪ ..‬إلهي لا أسألك‬
                                      ‫برودة الجحيم لأنهم لم يتلاقوا‬            ‫عن السبب‪ ،‬فلا ريب أنك‬
     ‫ماذا عن القبح؟‬                     ‫مع الآخرين‪ ،‬تجعلني أفكر في‬        ‫تملك سب ًبا وجي ًها لذلك‪ ،‬لكني‬

      ‫إنه موضوع محرج‪ ،‬مفهوم‬         ‫ثنائيات الجميلة والوحش‪( :‬القبح‬       ‫سأسألك‪ :‬هل ح ًّقا قصدت ذلك؟‬
      ‫بائس‪ ،‬وبالطبع من الصعب‬        ‫مقابل الجمال‪ ،‬الحب مقابل الكره‪،‬‬                  ‫هل ح ًقا قصدته(‪)1‬؟‬
 ‫تحديده‪ ،‬هل هناك أي اتفاق حول‬
     ‫ما الذي يجعل شخ ًصا ما أو‬        ‫ال ُنبل مقابل الوضاعة‪ ،‬الاحترام‬          ‫بهذه الكلمات صور الكاتب‬
 ‫شيئًا ما قبي ًحا؟ البثور والندوب؟‬   ‫مقابل الانحلال)‪ ،‬لنفهم منها ألم‬         ‫المصري المنتحر رجاء عليش‬
     ‫أم الأنوف المعقوفة والعيون‬      ‫كل شخصية منبوذة لسبب غير‬             ‫معاناته مع شكله «القبيح» الذي‬
                                                                              ‫كان سبب ألمه وإقصائه من‬
                      ‫الجاحظة؟‬                               ‫مبرر‪.‬‬         ‫الجميع‪ ،‬في سبيل الخلاص من‬
    ‫يصور فيكتو هوجو في قصة‬                ‫حقيقة الأمر نحن لا نختار‬         ‫تلك المعاناة أطلق رصاصة على‬
     ‫(أحدب نوتردام) التي تعتبر‬            ‫أشكالنا كما الحال مع لون‬           ‫رأسه تار ًكا رسالة جاء فيها‪:‬‬
  ‫من أشهر روايات الكاتب ثنائية‬
                                            ‫بشرتنا‪ ،‬نسبنا‪ ،‬لا نختار‬
                                       ‫طبقتنا الاجتماعية ولا ظروفنا‬
                                       ‫الاقتصادية ‪-‬إلى حد ما‪ -‬ومع‬
                                     ‫ذلك فإن كل ما سبق هو أساس‬
   210   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220