Page 216 - merit 50
P. 216

‫تعريفات للجمال‪ ،‬وبفضل أعمالهم‬           ‫يعتقد الناس أن المظهر الخارجي‬
     ‫من الممكن إعادة بناء تصور‬          ‫حتمي في الطبيعة البشرية‪ ،‬وليس‬

‫للأفكار الجمالية مع مرور الوقت‪،‬‬           ‫هناك الكثير مما يمكنهم فعله‬
     ‫لكن هذا لم يحدث مع القبح‪،‬‬          ‫حيال ذلك‪ ،‬بجانب أنه لا يوجد سبب‬
                                        ‫حقيقي يجعلنا نعتقد أن الأشخاص‬
‫حيث تم تعريفه في معظم الأوقات‬
      ‫على أنه نقيض للجمال‪ ،‬ولم‬             ‫الجميلين هم في الواقع أناس‬
                                         ‫طيبون وأن القبيحين أشرار‪ ،‬ومع‬
   ‫يخصص أي شخص تقريبًا أ ًّيا‬           ‫ذلك تم تكريس ذلك من خلال لغتنا‬
‫من الأطروحات من أي نوع حول‬              ‫وأدبنا ووسائل الإعلام والعديد من‬
                                         ‫الفلاسفة‪ ،‬وثنائيتنا البسيطة التي‬
   ‫القبح الذي تم إهماله واختزاله‬        ‫اختزلنا فيها الصور‪ ‬النمطية‪ ‬للناس‪.‬‬
    ‫إلى إشارات عابرة في الأعمال‬
                                         ‫أو ساحرات الهالوين في الثقافة‬        ‫«الجميلة والوحش» حول الجمال‬
            ‫الهامشية عبر الزمن‪.‬‬            ‫الغربية مع تجاعيدهم المخيفة‬         ‫والقبح‪ ،‬وماهية الجميل وماهية‬
 ‫حتى الآن‪ ،‬لا يزال الآباء يريدون‬             ‫وأنوفهم المعقوفة والأسنان‬          ‫القبيح‪ ،‬تدور أحداث القصة في‬
 ‫أن يرزقوا بأطفال حسنة المظهر‪،‬‬               ‫الفاسدة‪ ،‬كذلك أفلام ديزني‬
                                            ‫المقدمة للصغار نجدها تقوم‬             ‫كنيسة (نوتردام) في باريس‬
   ‫لا يزال الرجال يريدون الزواج‬           ‫بتحويل سندريلا من شخصية‬             ‫والمنطقة المحيطة بها‪ ،‬عن شخص‬
       ‫من المرأة الجميلة‪ ،‬لا يزال‬           ‫ذات شعر مجعد ومظهر غير‬
                                                                                 ‫لقيط أحدب وقبيح ج ًّدا يدعى‬
 ‫الجمهور يبحث عن نجم الشاشة‬              ‫مرغوب إلى جسد نحيف وجمال‬             ‫(كوازيمودو) بطل الرواية‪ ،‬الذي‬
   ‫الجذاب‪ ،‬حتى صناعة الجراحة‬               ‫هوليودي تقليدي كلما ظهرت‬           ‫يقع ضحية رجل الدين (فرولو)‬
  ‫التجميلية المزدهرة تؤكد التحيز‬            ‫سواء في الأفلام أو حتى على‬
   ‫الواضح وتع ُّد اعترا ًفا اجتماعيًّا‬        ‫السجادة الحمراء أو أغلفة‬           ‫الذى يظهر بملامح الجمال في‬
    ‫بأن الأشخاص الجميلين أكثر‬                                 ‫المجلات‪.‬‬            ‫الخارج ولكنه شرير وخبيث‬
   ‫ذكا ًء وأكثر جدارة بالثقة‪ ،‬وهو‬          ‫بالتالي فالثقافة التي ُيعبد فيها‬
                                                                                            ‫وحقود في داخله‪.‬‬
 ‫ما يعني أن الأشخاص القبيحين‬            ‫الجمال هي ثقافة لاضطهاد القبح‬           ‫أي ًضا‪ ،‬في اليونان القديمة كانت‬
   ‫ُيفترض أنهم أقل جدارة بالثقة‬           ‫بحد ذاتها‪ ،‬من الثقافة اليونانية‬    ‫الصلة بين الجمال والنبل الروحي‬
                                           ‫إلى وقتنا الحالي‪ ،‬حتى لو كان‬         ‫مسألة اعتقاد راسخ‪ ،‬لقد كرم‬
    ‫وأقل ذكا ًء‪ ،‬هذا الاستثمار في‬                                              ‫الأغريق بشكل صريح الجمال‪،‬‬
‫بعض أشكال الطب التجميلي اليوم‬           ‫التدخل الجراحي بد ًل من التدخل‬          ‫قاموا بإنشاء المعابد والتماثيل‬
‫هو بحد ذاته تيار خفي لاضطهاد‬               ‫الإلهي هو الحال اليوم‪ ،‬في كل‬        ‫لآلهة الجمال‪ ،‬كما تم ربط القبح‬
                                           ‫قرن قدم الفلاسفة والفنانون‬         ‫بالشر والخوف وبالوحوش على‬
     ‫القبح (شفط الدهون‪ ،‬تقويم‬                                                  ‫سبيل المثال‪ ،‬الساحرة الشريرة‬
   ‫الأسنان‪ ،‬تصغير الأنف‪ ..‬إلخ)‪،‬‬
   ‫نمو صناعة الجراحة التجميلية‬

     ‫في مجملها يعزو إلى الخوف‬
   ‫العميق والشائع من القبح‪ ،‬بل‬
     ‫ويعزز النفور منه‪ ،‬من خلال‬
    ‫الترغيب المتزايد لتغيير مظهر‬
  ‫الوجه والجسم من خلال الطب‬
‫ومستحضرات التجميل والتغذية‪،‬‬

      ‫كل ذلك أتى كنتيجة حتمية‬
      ‫لللتدفق المتواصل من صور‬
   ‫الوسائط الجماهيرية الإعلامية‬
‫التي تمجد الجمال الجسدي‪ ،‬وهو‬
   211   212   213   214   215   216   217   218   219   220   221