Page 226 - merit 50
P. 226

‫من مرض السل‪.‬‬                                   ‫العـدد ‪50‬‬                          ‫‪224‬‬
‫بالرجوع إلى كارل يونج نجده كان‬
                                                                             ‫فبراير ‪٢٠٢3‬‬   ‫الجزء الثاني من اللاشعور‪ ،‬وهو‬
  ‫مدر ًكا لأهمية الكتابة الدرامية في‬                                                      ‫الخاص بالإبداع‪ ،‬ليس وحده منبع‬
  ‫التفريغ النفسي وفي قدرتها على‬             ‫أن «يونج» قال هذه الأفكار‬                      ‫الإبداع في كل الكتابات الفنية على‬
 ‫علاج المرضى؛ كما كان مدر ًكا أن‬         ‫والأطروحات عن الأشعار؛ أي‬
  ‫إقامة حوار مع العمل الفني بأي‬        ‫عن الكتابة الدرامية تحدي ًدا؛ هذه‬                     ‫السواء؛ بل في أحد نوعيها؛ فقد‬
  ‫وسيلة (فنية) سيكون له دلالاته‬        ‫واحدة؛ أخرى أنه عندما أكد على‬                        ‫قسم «يونج» الكتابة إلى نوعين‪:‬‬
                                         ‫ضرورة إقامة حوار مع العمل‬
                       ‫النفسية‪.‬‬           ‫الفني وضع الرسم من ضمن‬                               ‫الأول كتابات سيكولوجية(‪)3‬‬
    ‫التأمل في أفكار «يونج» يصل‬         ‫الأدوات التي ُتمك َنا من إقامة هذا‬                     ‫يستمدها الشاعر من الشعور‪.‬‬
 ‫بنا إلى عدة مسارات؛ كما يوضح‬          ‫الحوار؛ وجاء ذلك قبل أن يتبلور‬                         ‫ولا يزيد عمل الشاعر في هذه‬
    ‫لنا أن جوهر هذه الأفكار كان‬        ‫الفن التشكيلي كأحد طرق العلاج‬                          ‫الكتابات عن كونه توضيحات‬
 ‫معتم ًدا على الفن‪ ،‬وخاصة الكتابة‬      ‫بالفن؛ والذي ظهر على يد الفنان‬                        ‫وتأويلات وتفسيرات لمضمون‬
 ‫الدرامية سواء بشكل مباشر كما‬           ‫البريطاني)‪ ‬أدريان هيل)‪ ‬والذي‬                        ‫الشعر‪ ،‬ويندرج تحت هذا النوع‬
 ‫في الأشعار؛ أو بشكل غير مباشر‬          ‫اكتشف الفوائد العلاجية للرسم‬                      ‫من الكتابات كل ما يتناول المجتمع‬
   ‫باستخدمها كوسيلة من ضمن‬              ‫والتلوين أثناء تواجده بالمصحة‬                      ‫والبيئة والأسرة والحب والدراما‪.‬‬
    ‫عدة وسائل ‪-‬اقترحها يونج‪-‬‬          ‫النفسية لقضاء فترة نقاهة للتعافى‬
   ‫في إجراء حوار مع العمل الفني‬                                                                ‫النوع الثاني كتابات كشفية؛‬
   ‫لتحليله؛ كما يصل بنا أي ًضا إلى‬                ‫مصطفى سويف‬                                    ‫وتستمد وجودها من أعماق‬
   ‫قيام «يونج» باستخدام وسائل‬                                                                 ‫النفس البشرية؛ حيث الغوص‬
 ‫فنية كـ(الرسم‪ -‬الكتابة‪ ..‬إلخ) في‬                                                          ‫في اللاشعور الجمعي‪ ،‬والذي هو‬
     ‫تحليل العمل الفني الشعري‪.‬‬                                                               ‫أعمق من اللاشعور الشخصي؛‬
     ‫على أية حال‪ ،‬وقبل إنهاء هذه‬                                                               ‫فالشاعر يقدم تجربة إبداعية‬
    ‫النقطة أريد توضيح أن الكتابة‬                                                          ‫عميقة نجد فيها الرمزية من خلال‬
   ‫الدرامية رغم أن الكثيرين حاليًا‬                                                        ‫الغوص داخله انطلا ًقا من الغوص‬
                                                                                              ‫في القسم الثاني من اللاشعور‬
       ‫يذكرونها من ضمن فنيات‬                                                              ‫الجمعي‪ .‬وقد اهتم «يونج» بالنوع‬
  ‫وتقنيات وطرق العلاج بالفن‪ ،‬إلا‬                                                          ‫الثاني من الكتابات السيكولوجية‪،‬‬
                                                                                               ‫وهو النوع الكشفي‪ ،‬وعلاقته‬
                                                                                                 ‫بالفنان؛ فعمل «يونج» على‬
                                                                                             ‫مساعدة الفرد على التركيز على‬
                                                                                             ‫العمل الفني والخيال؛ بحيث إن‬
                                                                                           ‫النظر بإمعان شديد وتدقيق أشد‬
                                                                                               ‫للعمل الفني يؤدي إلى كشف‬
                                                                                            ‫أسراره الداخلية؛ أي أن الغوص‬
                                                                                             ‫في أعماق العمل الفني يؤدي إلى‬
                                                                                          ‫كشف خباياه ومكنوناته وأسراره؛‬
                                                                                               ‫فإقامة حوار مع العمل الفني‬
                                                                                           ‫‪-‬سواء كان هذا الحوار (سماعيًّا‬

                                                                                                    ‫أم صامتًا أم مكتو ًبا أم‬
                                                                                                       ‫مرسو ًما)‪ -‬أمر مهم‬
                                                                                                                     ‫ج ًّدا‪.‬‬
                                                                                                            ‫ولنا أن نلاحظ‬
   221   222   223   224   225   226   227   228   229   230   231