Page 223 - merit 50
P. 223

‫‪221‬‬  ‫ثقافات وفنون‬

     ‫علم النفس‬

     ‫العلاج بالفن‬

‫بين الواقع والخيال‪:‬‬
                                                                ‫مينا ناصف‬
        ‫الإبداع الفني‬

     ‫ونظريات التحليل‬

                                      ‫النفسي‬

‫الإبداع عله يكتشف أسرا ًرا جديدة‬      ‫المشحونة انفعاليًّا‪ .‬أما الاستبصار؛‬  ‫قلي ًل في المقال السابق عن‬         ‫تحدثنا‬
‫تساعده على معالجة مرضاه؛ فركز‬            ‫وفق نفس الباحث السابق فهو‪:‬‬         ‫العالم الروماني جاكوب‬
                                             ‫«فهم النفس ومعرفة الذات‬       ‫مورينو (‪)1974 -1889‬‬
     ‫على دراسة وتحليل شخصية‬            ‫والصراعات والاستعدادات وفهم‬          ‫وتجاربه التي بدأها عام‬
    ‫الفنان المبدع؛ متأم ًل في العديد‬                                           ‫‪ 1911‬تقريبًا‪ ،‬ولنا أن‬
 ‫من الأعمال الأدبية والشخصيات‬         ‫الانفعالات‪ ،‬ومعرفة دوافع السلوك‬       ‫نعرف أن «مورينو» مع‬
     ‫الفنية‪ ،‬والتي كان من ضمنها‬           ‫والعوامل المؤثرة فيه‪ ،‬ومعرفة‬      ‫بداية تجاربه النفسفنية؛‬
    ‫شخصية الفنان التشكيلي؛ أحد‬          ‫مصادر الاضطراب والمشكلات‪،‬‬                 ‫التقى بعالم النفس الأشهر‬
‫أهم رواد عصر النهضة (ليوناردو‬            ‫وإمكانات حلها»‪ .‬يتضح لنا من‬          ‫سيجموند فرويد‪ ،‬والذي حاول‬
    ‫دافنشي)‪ ،‬ولكن جاء هذا كمن‬                                               ‫الولوج إلى العلاج بالفن من خلال‬
     ‫يكمل لوحة مرسومة بالفعل؛‬           ‫التعريفين السابقين مدى تشابك‬        ‫نظرية التحليل النفسي‪ ،‬والتي في‬
   ‫أي أن اهتمام «فرويد» بدراسة‬        ‫هذين المصطلحين؛ فبعد أن أرسى‬         ‫مجملها ومحصلتها النهائية تحقق‬
 ‫شخصية الفنان كان جز ًءا من كل‬         ‫«فرويد» دعائم منطلقاته الفكرية؛‬       ‫التنفيس الانفعالي والاستبصار‪،‬‬
                                      ‫والتي أحدثت نقلة نوعية؛ بل كانت‬          ‫و ُتظ ُهر فاعلية لعلاج المشكلات‬
                      ‫لا العكس‪.‬‬        ‫خطوة فريدة من نوعها في تاريخ‬             ‫العصابية(‪ ،)1‬وبحسب (حامد‬
‫ولكن هذا لا ينفي أنه في الكثير من‬                                               ‫زهران ‪ )١٩٨٠‬يمكنا تعريف‬
‫محاضراته ‪-‬أذكر منها محاضرته‬               ‫علم النفس؛ أصبح بعدها الأب‬           ‫التنفيس أو التفريغ أو التطهير‬
                                      ‫الكلاسيكي لعلم النفس بلا منازع‪.‬‬       ‫الانفعالي؛ على أنه‪ :‬قيام (العميل‪/‬‬
   ‫الشهيرة عن «الهفوات»‪ -‬جاءت‬                                                    ‫المسترشد)(‪ )2‬بنفسه بتفريغ‬
 ‫أغلب أمثلته عن الأدباء والشعراء؛‬           ‫ولذلك أراد «فرويد» تحقيق‬            ‫الحمولة أو الشحنة الانفعالية‬
‫مما يؤكد على شيئين؛ الأول إدراك‬              ‫الشمولية في تناوله لكل ما‬       ‫من خلال تفريغ المواد والخبرات‬
                                       ‫يتعلق بالإنسان من خلال نظرية‬
     ‫«فرويد» لأهمية الفن ودوره‬        ‫التحليل النفسي؛ فعرج إلى دراسة‬
   ‫وتأثيره‪ ،‬والثاني أن الفن شغل‬           ‫شخصية الفنان‪ ،‬وجاء ذلك في‬
‫مساحة كبيرة من تفكير «فرويد»؛‬          ‫سياق محاولاته الدخول إلى عالم‬
   218   219   220   221   222   223   224   225   226   227   228