Page 14 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 14
العـدد 31 12
يوليو ٢٠٢1
على ضبط إيقاعات العروض .وأحفظ عن ظهر قلب ها أنذا قد سمعت كلماتكم ،وأصغيت إليكم حتى
فحصتم الأقوال .فتأملت فيكم؛ وإذ ليس بينكم
الأساطي َر الثلاثمائة والستين التي تشكل أساس
الشاعر الأصيل»( .)28بعدئذ ،منحه الملك مهل َة َح ْو ٍل من نقض ودحض كلمات أيوب»( .)27البوح لا
كامل من أجل المهمة .وبالرغم من أن نتاج الشاعر ُي َصا َد ُر بالدحض أو التبكيت ،لا ،ولا بالإزراء أو
عدم الإصغاء أو التنقيص ..لم ُتسمع كلما ُت أيوب
كان -وفق ما يرويه بورخيس« -ن ًّصا آخر» ..لم المداويا ُت آنئ ٍذ ،ولم تحظ نف ُسه العليل ُة بذاك العزاء،
يكن «وص ًفا للمعركة ،بل كان المعرك َة نف َسها». لكن قار ًئا سيصادف -ولو بعد حين -سردي َته
وبغض النظر عن سطوة التخييلي على التاريخي المرقون َة بين أطواء كتاب ،أو المحفور َة على صلصال
أو صخر ،فيكشف مكنو َن س ِّرها ،وينشر َم ْط ِو َّي
في كتابات بورخيس ،فإن اختلاجات الملك تكاد أم ِرها ،ولسوف تتعلم الإنساني ُة -لا شك -من
ضعفها ..ما اشتكى أيو ُب فق َدا َن المال أو البنين،
تكون استلها ًما لما كتبه الشاعر الروماني هوراس
Horaceفي «قصائد غنائية» إذ قال« :عقي ًما كان لا ..ولا تقرحا ِت الجرا ِح في جسده الواهن على
زهو الزعيم والحكيم ،لم يكن لديهما شاعر فماتا! مر السنين ،وإنما اهت َّم واغت َّم لأن أمواج صوته
عبثًا خ َّط َطا وعبثًا استنزفا ،لم يكن لديهما شاعر، كانت تنكسر فيه .أليس هو القائل« :إن تكلمت فلن
أتألم من جرحي ،لكن إن صم ُّت ما الذي يخفف
َف ُه َما ميتان!»( .)29أدرك ملك إيرلندا أن انتصاره جرحي؟» .إن الكلمات ح ًّقا مداويات ،ليس لأيوب أو
الباهر على الفايكينغ Vikingsستغشاه لعنا ُت لكاتب سفر أيوب فحسب ،بل لنا نحن القراء أي ًضا.
اتلثبحتيهة»كلفمياأ ُفتلاال ِكشاعلركالءم.اِ .تمفنكلأمنهي ْلحم َي النسيان إذا لم
«بالاستعارات -3الحياة في أفلاك الكلمات:
يذق طعم الحياة. في قصة «المرآة والقناع» يحكي بورخيس أن ملك
أضل فيرجيليوس بط َل الإنياذة إينياس بذكاء ماكر إيرلندا قد تحدث إلى شاعر البلاط -إثر معركة
في عرض البحر وفي مجاهل الطريق بين طروادة «كلونتارف» The Battle of Clontarfحيث ُمنِ َي
النرويجيون بالهزيمة -فقال« :إن الأعمال العظيمة
وإيطاليا ،كما أضل هوميروس بطله أوديسيوس
تفقد رونقها ما لم تصغ بالكلمات ،وأريد منك
في طريق العودة إلى إيثاكا عشر سنوات كاملات. أن تغني انتصاري ومديحي .سأكون «إنياس»،
ليس عج ًزا منهما عن الإرشاد إلى جادة الطريق، وتكون أنت
«فرجيلي».
بل لأنهما كانا يصران على عدم حرمان بطليهما فهل ترى
نف َسك كف ًؤا
من الحق في إضاعة الطريق ،مستلهمين الحكمة للقيام بهذه
المهمة التي
ستخلد
كلينا؟» .قال
الشاعر« :أجل
يا مولاي ()..
لقد دربت
نفسي لاثنتي
عشرة شتا ًء