Page 18 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 18
العـدد 31 16
يوليو ٢٠٢1
ناجح المعموري
رواية عزازيل..
أسطورة الخصاء وصحوة الجسد
تعلم «هيبا» أهم الدروس من أمه التي وشت بوالده المتفاني بمعبوده
الإله أخنوم ،ولهذا السبب واجه مث ًل بش ًعا .تعلم أن الله في القلب ولا
يمكن محاصرة الإيمان الكامن في جوانيات الإنسان .الأديان حوار
وتواصل مع بعضها ولا تنتهي ،بل تمتد في الآتي ،فكم أخذت اليهودية من
الديانة العراقية والسورية والكنعانية والمصرية ،وأي ًضا كيف استفادت
المسيحية من المصرية والبوذية .وهذه الاستفادات شكل في توظيف
الطقوس والشعائر وتعميق العقائد.
شعر بلذاذات جديدة لم يشعر بها من قبل ،وهي لذاذة العلاقة مع الأنهار والبحيرات والبحار علاقة
الجسد وسط حركة البحر واصطخابه« :انتابتني
الأحاسيس الغريبة ،وأخذتني لهفة اللمس ودغدغة رحمية ،أنها رموز للأم ورحمها الذي دائ ًما ما يولد،
الشهوة .أنا الذي لم أعرف قبلها امرأة في حياتي، لكنه في أحيان كثيرة يستعيد مولده مرة أخرى ،ولكن
ولم أكن أنوي أن أعرف .غير أنني ساعتها تفكرت
هذه الاستعادة مختلفة عن الولادة الأولى تستعيده
في تلك اللذة ،وجال ببالي أن البحر امرأة لعوب تمتع ميتًا وتأخذه رمز ًّيا للرحم الذي خرج منه ،وقد أشبع
الرجال العائمين من دون خطية تحسب عليهم أو بأشلاء ذلك تحلي ًل في كتابه الماء والأحلام .ولم تكن
يحاسبون عليها ..البحر رحمة من الله للمحرومين، الدلالة الرمزية للبحر خافية عن الروائي يوسف
لك المجد يا أرحم الراحمين» (ص )76دخل إلى محيط زيدان في روايته «عزازيل» الطافية على بحور من
الأساطير والعقائد والطقوس .وسأحاول في هذا
الجسد الأنثوي من خلال علاقته مع البحر وهي المقال قراءة الأسطورة الدفينة في الجسد الأنثوي،
علاقة آنية ،صدفية أعاد يوسف زيدان البحر /الماء
إلى دلالته الرمزية الأولى ،حيث كان ومازال نم ًطا عاليًا وقد حرص يوسف زيدان على استثمار الجسد
وكرسه بوظيفة جنسية ،وأضفى عليه جن ًسا أنثو ًّيا، المقدس والكشف عن الطاقات الخلاقة الطافية عليه
دخل إليه وأقام علاقة اتصالية معه ،وإنها واضحة
من الوصف بالغ الدقة ،الكاشف عن مهارة الروائي والدفينة فيه .ابتدأت العلاقة مع المرأة على الرغم
من أن «هيبا» راهب والعلاقة مع الجسد في الديانة
في قلب المتداول الرمزي كما مع البحر الذي صار المسيحية تابو بالنسبة للذي اختار الرهبنة .وكانت
امرأة /نو ًعا واكتشفها هيبا لأول مرة في حياته ،وهو
لحظة خلاص هيبا من العودة مكر ًها إلى الرحم
الراهب المصري الذي لم يعرفها من قبل« :أخذتني الرمزي ،لحظة جديدة ،لحظة إنقاذ له ،وشعر بأنه
لهفة اللمس ودغدغة الشهوة ،أنا الذي لم أعرف قبلها جنين خرج من رحم هائل .وابتدأت لحظة اكتشاف
للجسد الذكوري ،جسده الخاضع للرهينة ،وكيف