Page 21 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 21

‫‪19‬‬      ‫إبداع ومبدعون‬

        ‫رؤى نقدية‬

‫أدونيس‬                 ‫فراس السواح‬                       ‫روحي‪ ،‬ويرتفع بي إلى آفاق علوية‪ ،‬لم أفتح عيني إلا‬
                                                              ‫حين قالت‪ :‬اشرب المزيد‪ ،‬النبيذ مفيد يا حبيبي‪.‬‬
 ‫الإلهية في هيبا من الانتصار على الأرض‪ ،‬حصل هذا‬                               ‫‪ -‬حبيبك‪ .‬كيف تقولين هذا؟‬
  ‫في العلاقة مع هيبا وأي ًضا مع علاقته الثانية بمارتا‪.‬‬
‫لقد تمكنت الحياة الأرضية وانتصرت على السماوي‪/‬‬            ‫‪ -‬لا تسأل‪ ،‬ولا تجادل حوريات البحر‪ .‬أغمض عينيك‬
                                                                           ‫حتى تشعر بي أكثر»‪( .‬ص‪)82‬‬
                           ‫الروحي في جسد هيبا‪.‬‬
‫كان الخمر وسي ًطا بين الطقوس الأورفية التي أفضت‬            ‫أوكتافيا إحدى حوريات بوسيدون إله البحر وهي‬
                                                            ‫ذات وظيفة افروديتية خلقت وسط محارة بحرية‪،‬‬
   ‫باتجاه يسوع بشكل واضح‪ ،‬وانتقلت دلالة الخمرة‬
     ‫من الأورفية إلى اليسوعية حيث كانت دلالة على‬             ‫وفي أسطورة ثانية خلقها زبد البحر واعتقد بأن‬
                                                         ‫هذه الأسطورة الثانية هي الأقرب لوظائف أفروديت‬
    ‫علاقة يسوع بالحياة‪ ،‬لأن اللون الأحمر هو اللون‬
 ‫الدال على سريان الحياة في الجسد الإنساني‪ ،‬والنبيذ‬                               ‫الأسطورية بوضوح تام‪.‬‬
 ‫أحمر اللون‪ /‬وهو دم يسوع الذي انتقل بخصائصه‬                 ‫لم يقل يوسف زيدان تبعيتها لأفروديت لكنها من‬
                                                          ‫حوريات البحر‪ ،‬تكفي للدلالة على عناصر «أوكتافيا»‬
   ‫الأورفية إلى اليسوعية‪ ،‬ولعب الخمر دو ًرا مه ًّما في‬
 ‫الطقوس الديونسيسية حيث كان الضعف والتشارك‬                    ‫الثقافية‪ .‬هذا بالإضافة إلى جلسة المتعة النبيذية‬
‫بين الرجال والنساء مكم ًل لجلسة الشرب‪ ،‬وما حصل‬           ‫والممارسة اللذية كافية أي ًضا للإشارة لطقس الألوهة‬
 ‫بين أوكتافيا وهيبا هي جلسات باخوسية‪ /‬أورفية‪/‬‬           ‫المؤنثة التي اخترعت النبيذ والمشروبات الأخرى‪ ،‬الآن‬

    ‫ديونسية‪ /‬تحقيق السكر والنشوة‪ ،‬ومن بعد ذلك‬              ‫–المسكرات‪ -‬من مكملات الوظائف المقدسة للإلوهة‬
   ‫الاندماج الثنائي بين النوعين‪ ،‬وفي ذلك تعرف هيبا‬        ‫المؤنثة‪ ،‬والليل العشتاري لن يحوز خصائصه بعي ًدا‬
‫على الجسد الأنثوي والكشف عن الذي فيه من خزائن‬            ‫عن الخمر والعطور والرقص‪ ،‬لأنها مكملة لما تقوم به‬
   ‫الرغبة واللذة والفوران‪ .‬حققت أوكتافيا توح ًدا مع‬        ‫عشتار‪ .‬والخمر‪ /‬النبيذ هو الذي يجعل من عشتار‬
‫بوسيدون إله البحر واندغم هيبا بالرب يسوع كل على‬           ‫ومثيلاتها مكتملات وقادرات على استحضار الفاعل‬
                                                           ‫اللذي‪ /‬الرجل ليكونا م ًعا في طقس ديني‪ /‬تعبدي‪،‬‬
                                ‫طريقته الخاصة‪.‬‬             ‫تحلق فيه الألوهة المؤنثة في فضاءات لا يعرفها إلا‬
‫الخمر عند الأورفيني مجرد رمز‪ ،‬كما كان رم ًزا أي ًضا‬       ‫المريد المشارك معها والمتفاعل طقسيًّا‪ .‬ولأن الألوهة‬
                                                           ‫المؤنثة ذات وظائف مرتبطة مع الطبيعة‪ ،‬فإنها ذات‬
                                                           ‫مهام تجديدية‪ /‬انبعاثية‪ ،‬والنبيذ نتاج للطبيعة التي‬
                                                        ‫هي أص ًل من مهام الألوهة المؤنثة‪ ،‬فالنبيذ من تبديات‬

                                                             ‫الألوهة المعنية بالأرض‪ ،‬كانت أوكتافيا‪ /‬حورية‬
                                                              ‫البحر امتداد إيزيس المصرية أو أفروديت‪ ،‬ذات‬
                                                          ‫الجذور الشرقية‪ ،‬فلا بد لها من الاحتفاء بالطبيعة‪/‬‬
                                                            ‫الأنوثة ومعطياتها‪ ،‬ولذا كان النبيذ هذا من خلال‬
                                                           ‫العلاقة الروحية‪ /‬الثقافية بين أوكتافيا والنبيذ‪ .‬أما‬
                                                        ‫الراهب هيبا‪ ،‬فهو الآخر يدرك جي ًدا العلاقة بين النبيذ‬
                                                        ‫ويسوع المسيح الذي كان النبيذ والخبز عشاؤه الأخير‬
                                                          ‫وتناولهما معه تلاميذه‪ ،‬لذا كانت وظيفة النبيذ لدى‬
                                                            ‫هيبا مرتبطة مع يسوع المسيح أو ًل وهي لتحقيق‬

                                                                                     ‫النشوة والمتعة ثانيًا‪.‬‬
                                                          ‫لقد انتصر الجزء الأرضي في هيبا على الآخر الإلهي‬
                                                           ‫فيه واندفع بحماس لأوكتافيا وكأنه دخل في طقس‬
                                                           ‫ديني كالذي زاوله الباخيون‪ .‬ولم تستطع المكونات‬
   16   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26