Page 24 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 24
العـدد 31 22
يوليو ٢٠٢1
يوسف زيدان نقصه معه ،والراهب أكثر إحسا ًسا بنقصه وشعو ًرا
به ،لذا سري ًعا ما يلتقط رسالة المرأة نحوه ،ويعاني
استجابته السرية التي تعرفها المرأة ،وهذا ما حصل
مع أوكتافيا ومارتا .الراهب هيبا ناقص ونقصه كبير
ج ًّدا ،في لحظات الهزة الأنطولوجية المفاجئة يستيقظ
الجسد ويحس بارتعاشة ،وهو غير متماس مع
أوكتافيا أو مارتا .هيمنة الروحي /الرهبنة تضاؤل
للجسد ونقصان فيه ،وكما قال أدونيس :الإحساس
بالوجود لدى الرجل هو أن يكون محتوى أو مغطى
بفرج المرأة ،ودون ذلك لا يشعر بأنه موجود فع ًل.
والكينونة هي الوجود في الحياة وليس في الدين فقط،
وأقسى ما انطوت عليه المسيحية هو الإخصاء الرمزي
ونذر الجسد للرب يسوع ،بمعنى إبعاده عن المرأة/
جسدها ليحقق طهارته ويبتعد عن دنسها والخطية
الملاحقة له .هيبا رجل واع ويحمل ثقافة كبيرة حول
العلاقة مع المرأة التي كلما اقترب إليها ،اكتشف قيمة
الذكورة وعرف الأنوثة التي اختبرته وهو مكتشف
لها ،هذه العلاقة الثنائية /التبادلية بين امرأة وثنية
وراهب مو ّحد ،اخترقت التابو وفتحت مجا ًل للإقامة
في ثقافة الآخر /جسده.
الحياة بالنسبة لهيبا هي الاقتراب من الجسد /الأنثى
والإقامة فيه كما قال أدونيس ،أو هي المثول فيه دائ ًما
ومعرفته وعبر العلاقة مع الأشياء .ولأن هيبا أدرك
تما ًما قوة الكائن ،تعامل مع جسده بوصفه قيمة
إنسانية ويسمو أكثر في لحظة أنطولوجية ،يكون
متعاليًا مع الآخر المقدس .أوكتافيا امرأة مقدسة،
هي من حوريات البحر أو من توابع أفروديت ،وهي
أي ًضا ربة مانحة ،هي عشتارية ،لذا
تعلم منها هيبا الكثير ،أول ما تعلم
الإبقاء على العقل لدى الإنسان ولا
بد من احترام عقائد الآخر والابتعاد
عن القتل .والإخصاء قتل من نوع
آخر ،وهو أكثر أنواع القتول دموية
وقسوة ،قتل يعطل الحياة ،ولأن
هيبا تعلم هذا الدرس أي ًضا رفض
الدخول في موضوعة الإخصاء أو
حتى التفكير به ،الإخصاء المادي/
القضيبي أو الرمزي /الثقافي/
الرهبنة ،رفض هيبا فكرة الإخصاء