Page 25 - 31- ميريت الثقافية- يوليو 2021
P. 25
23 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
وم ّجد طاقة الجسد الذي ع ّرفه بالمخفي /السري/
الأنوثة «كانت عيناها ترجواني ،فخلعت عني جلبابي
وارتديته صامتًا ،هي ألبسته لي ،كنت أود أن أقف
قلي ًل عند السور المؤطر للسطح ،غير أنها جذبتني
ثاني ًة بلطف ،وأخذتني بعطف إلى داخل غرفتها .فتحت
شباكها فامتلأت الغرفة نو ًرا»( .ص)119
القرار الذي اتخذه هيبا برفض الإخصاء يفضي
بالإشارة العميقة لمرحلة وثنية كانت فيها طقوس
الإخصاء والتضحية بالذكورة سائدة ويحتفل بها
سنو ًّيا .على الرغم من أن المسيحية تطور لاحق
وبوضوح عن الحلقات الأورفية السرية التي تحولت
في المراحل المتأخرة إلى عبادة سرية .هذا ما له
علاقة بالرهبنة والذي اعتبره البعض من الباحثين
في الأسطورة شك ًل من أشكال العنف مع الذات ،أو
تدمي ًرا ذاتيًّا وكما أشار الأستاذ فراس السواح إلى أن
التدمير الذاتي يصل أحيا ًنا إلى الموت وإهلاك النفس
«فقد زاول الإنسان أقسى الأفعال المازوكية من خلال
الطقوس الدموية التي تتم في أعيادها السنوية .تلك
الطقوس التي تبلغ قمة عنفها وتعارضها مع مبدأ
الحياة ،بفعل الإخصاء الذي يقوم به الرجال على
مذبح الآلهة واهبينها ذكورتهم وكل حياة ممكنة
سوف تنشأ عنهم .لأن القربان البشري هو تغذية
للموت بإنسان حي ،أما الإخصاء فإنه للموت بإنسان
حي لم يولد بعد ولن يولد .إنه تعطيل لوظيفة الحياة
ذاتها بتعطيل وسائلها وأسبابها .ومثل هذه الطقوس
موجودة في أعياد الأم الكبرى وفي أمكنة وثقافات
متعددة»( .فراس السواح ،لغز عشتار ،نيقوسيا،
،1986ص)235
وحتى نقرأ فكرة الإخصاء التي فكر فيها هيبا
ونكشف عن طبقاتها الدينية التي كانت سائدة قبل
المسيحية واعتبرت ثورة مركزية في ديانات الألوهة
الشابة المذكرة ،ولم تأت فكرة هيبا اعتباطية ،بل
هي طقس موروث وموجود في الثقافة التي ما زالت
يقظة على الرغم من صعود المسيحية .وكشفت لنا
رواية عزازيل عن بقاء واستمرار الوثنيات وعقائدها
وطقوسها بعدما يقارب الخمسمائة عام بعد الميلاد:
«في سوريا ،كانت تقام في المناسبة نفسها أعياد
مشابهة ،احتفا ًل ببعث أدونيس الميت ،أبن الإلهة
عشتاروت ،وجسها تبدأ لطقوس الدم عندما يأخذ